إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مَا ٱلۡحَآقَّةُ} (2)

{ الحاقة } أي السَّاعةُ ، أو الحالةُ الثابتةُ الوقوعِ الواجبةُ المجئ لا محالةَ ، أو التي يحقُّ فيها الأمورُ الحقةُ من الحسابِ والثوابِ والعقابِ ، أو التي تُحقُّ فيها الأمورُ أي تُعرفُ على الحقيقةِ من حقَّهُ يحِقُّه إذا عرفَ حقيقتَهُ ، جُعلَ الفعلُ لها مجازاً وهو لِما فيها منَ الأمورِ أو لمَنْ فيها من أُولِي العلمِ وأيَّا ما كانَ فحذفُ الموصوفِ للإيذانَ بكمالِ ظهورِ اتصافهِ بهذِهِ الصفةِ وجريانِهَا مجرى الإسمِ ، وارتفاعُها على الابتداءِ ، خبرُهَا { مَا الحاقة } على أنَّ مَا مبتدأٌ ثانٍ ، والحاقَّةُ خبرُهُ ، والجملةُ خبرٌ للمبتدأ الأولِ . والأصلُ ما هيَ أيْ أيُّ شيءٍ هي في حالِهَا وصفَتِهَا فإنَّ مَا قدْ يُطلبُ بها الصفةُ والحالُ ، فوضعُ الظاهرِ موضعَ المضمرِ تأكيداً لهولها . هذا ما ذكرُوهُ في إعرابِ هذه الجملةِ ونظائرِهَا ، وقد سبقَ في سورةِ الواقعةِ أنَّ مُقتضَى التحقيقِ أنْ تكونَ ما الاستفهاميةُ خبراً لما بعدَهَا فإنَّ مناطَ الإفادةِ بيانُ أنَّ الحاقةَ أمرٌ بديعٌ وخَطْبٌ فظيعٌ كما يفيدُهُ كونُ مَا خبراً لا بيانُ أنَّ أمراً بديعاً الحاقةُ كما يفيدُهُ كونُها مبتدأً وكونُ الحاقَّةِ خبراً .