تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ فَعَلَهُۥ كَبِيرُهُمۡ هَٰذَا فَسۡـَٔلُوهُمۡ إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ} (63)

فقال إبراهيم والناس شاهدون : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ْ } أي : كسرها غضبا عليها ، لما عبدت معه ، وأراد أن تكون العبادة منكم لصنمكم الكبير وحده ، وهذا الكلام من إبراهيم ، المقصد منه إلزام الخصم وإقامة الحجة عليه ، ولهذا قال : { فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ْ } وأراد الأصنام المكسرة اسألوها لم كسرت ؟ والصنم الذي لم يكسر ، اسألوه لأي شيء كسرها ، إن كان عندهم نطق ، فسيجيبونكم إلى ذلك ، وأنا وأنتم ، وكل أحد يدري أنها لا تنطق ولا تتكلم ، ولا تنفع ولا تضر ، بل ولا تنصر نفسها ممن يريدها بأذى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ فَعَلَهُۥ كَبِيرُهُمۡ هَٰذَا فَسۡـَٔلُوهُمۡ إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ} (63)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُوَاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هََذَا بِآلِهَتِنَا يَإِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هََذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فأتوا بإبراهيم ، فلما أتوا به قالوا له : أأنت فعلت هذا بآلهتنا من الكسر بها يا إبراهيم ؟ فأجابهم إبراهيم : بل فعله كبيرهم هذا وعظيمهم ، فاسألوا الاَلهة من فعل بها ذلك وكسرها إن كانت تنطق أو تعبر عن نفسها

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما أُتِي به واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود قالُوا أأنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بآلِهَتِنا يا إبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فاسْئَلُوهُمْ إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ غضب من أن يعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها ، فكسرهن .

حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهِمْ هَذَا . . . الاَية ، وهي هذه الخصلة التي كادهم بها .

وقد زعم بعض من لا يصدّق بالاَثار ولا يقبل من الأخبار إلا ما استفاض به النقل من العوامّ ، أن معنى قوله : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهِمْ هَذَا إنما هو : بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم ، أي إن كانت الاَلهة المكسورة تنطق فإن كبيرهم هو الذي كسرهم . وهذا قول خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كَذَبات كلها في الله ، قوله : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهِمْ هَذَا ، وقوله : إنّي سَقِيمٌ ، وقوله لسارة : هي أختي . وغير مستحيل أن يكون الله ذكْره أذِن لخليله في ذلك ، ليقرّع قومه به ، ويحتجّ به عليهم ، ويعرّفهم موضع خطئهم ، وسوء نظرهم لأنفسهم ، كما قال مؤذّن يوسف لإخوته : أيّتُها العيرُ إنّكُمْ لَسارِقُونَ ولم يكونوا سرقوا شيئا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ فَعَلَهُۥ كَبِيرُهُمۡ هَٰذَا فَسۡـَٔلُوهُمۡ إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ} (63)

{ قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون } أسند الفعل إليه تجوزا لأن غيظه لما رأى من زيادة تعظيمهم له تسبب لمباشرته إياه ، أو تقريرا لنفسه مع الاستهزاء والتبكيت على أسلوب تعريضي كما لو قال لك من لا يحسن الخط فيما كتبته بخط رشيق : أأنت كتبت هذا فقلت بل كتبته أنت ، أو حكاية لما يلزم من مذهبهم جوازه ، وقيل إنه في المعنى متعلق بقوله { إن كانوا ينطقون } وما بينهما اعتراض أو ضمير { فتى } أو { إبراهيم } ، وقوله { كبيرهم هذا } مبتدأ وخبر ولذلك وقف على فعله . وما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال " لإبراهيم ثلاث كذبات " تسمية للمعاريض كذبا لما شابهت صورتها صورته .