الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ بَلۡ فَعَلَهُۥ كَبِيرُهُمۡ هَٰذَا فَسۡـَٔلُوهُمۡ إِن كَانُواْ يَنطِقُونَ} (63)

وقوله عليه السلام : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } [ الأنبياء : 63 ] .

على معنى الاحتجاجِ عليهم ، أَي : إنَّهُ غَارَ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ هو وَتُعْبَدَ الصِّغَارُ معه ، ففعل هذا بها لذلك وفي الحديث الصحيح عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ عليه السلام إلاَّ ثَلاَثَ كَذِبَاتٍ : قَوْلُهُ : { إنِّي سَقِيمٌ } [ الصافات : 89 ] ، وقوله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } ، وقوله ( لِلْمَلِكِ : هِيَ أُخْتِي ) وكانت مقالاتُه هذه في ذات اللَّه ) ، وذهبت فرقة إلى أَنَّ معنى الحديث : لم يكذب إبراهيم ، أي : لم يقل كلاماً ظاهره الكذب أو يشبه الكذبُ ، ، وذهب الفَرَّاءُ إلى جهة أخرى في التأويل بأَنْ قال : قوله : فعله ليس من الفعل ، وإنما هو فعله على جهة التوقع ، حُذِفَ اللامُ على قولهم : عَلَّه بمعنى : لَعَلَّهُ ، ثم خُفِّفَتِ اللام .

قال ( ع ) : وهذا تكلف .

( ت ) : قال عياض : واعلم ، ( أكرمك اللَّه ) أَنَّ هذه الكلماتِ كلها خارجة عن الكذب ، لا في القصد ولا في غيره ، وهي داخلة في باب المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب ، فأَمَّا قوله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } فإنه عَلَّقَ خبره بشرط النطق ، كأَنه قال : إنْ كان ينطق فهو فعله على طريق التبكيت لقومه . انتهى .

ثم ذكر بقية التوجيه وهو واضح لا نطيل بسرده .