{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ } أي : الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة ، فيحبون أن تشتهر الفاحشة { فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : موجع للقلب والبدن ، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين ، ومحبة الشر لهم ، وجراءته على أعراضهم ، فإذا كان هذا الوعيد ، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة ، واستحلاء ذلك بالقلب ، فكيف بما هو أعظم من ذلك ، من إظهاره ، ونقله ؟ " وسواء كانت الفاحشة ، صادرة أو غير صادرة .
وكل هذا من رحمة الله بعباده المؤمنين ، وصيانة أعراضهم ، كما صان دماءهم وأموالهم ، وأمرهم بما يقتضي المصافاة ، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه . { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } فلذلك علمكم ، وبين لكم ما تجهلونه .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ يُحِبّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } .
يقول تعالى ذكره : إن الذين يحبون أن يذيع الزنا في الذين صدّقوا بالله ورسوله ويظهر ذلك فيهم ، لهم عَذَابٌ أليمٌ يقول : لهم عذاب وجيع في الدنيا ، بالحدّ الذي جعله الله حدّا لرامي المحصَناتِ والمحصَنين إذا رموهم بذلك ، وفي الاَخرة عذاب جهنم إن مات مُصِرّا على ذلك غير تائب . كما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : يُحِبّونَ أنْ تَشِيعَ الفاحِشَةُ قال : تظهر في شأن عائشة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّ الّذِينَ يُحِبّونَ أنْ تَشِيعَ الفاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ قال : الخبيث عبد الله بن أبيّ ابن سَلول ، المنافق ، الذي أشاع على عائشة ما أشاع عليها من الفرية ، لهم عَذَابٌ أليمٌ .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أنْ تَشِيعَ الفاحِشَةُ قال : تظهر يتحدّث عن شأن عائشة .
وقوله : وَاللّهُ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره : والله يعلم كذبَ الذين جاءوا بالإفك من صدقهم ، وأنتم أيها الناس لا تعلمون ذلك لأنكم لا تعلمون الغيب ، وإنما يعلم ذلك علاّم الغيوب . يقول : فلا تَروُوا ما لا علم لكم به من الإفك على أهل الإيمان بالله ، ولا سيما على حلائل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتهلكوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.