قوله تعالى : { إِنَّ الذين يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحشة } الآية .
لمَّا بين ما على الإفك وعلى مَنْ سُمِع مِنْهُ وما ينبغي أن يتمسكوا به من آداب الدين أتبعه بقوله : { إِنَّ الذين يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحشة } ليعلم أن من أحب ذلك فقد شارك في هذا كما شارك فيه من فعله{[34225]} .
والإشاعة : الانتشار ، يقال : في هذا العقار سهم شائع : إذا كان في الجميع ولم يكن منفصلاً . وشاع الحديث : إذا ظهر في الجميع ولم يكن منفصلاً . وشاع الحديث : إذا ظهر في العامة{[34226]} . والمعنى : { إِنَّ الذين يُحِبُّونَ } أن يظهر ويذيع الزنا { فِي الذين آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدنيا والآخرة } يعني : عبد الله بن أبي وأصحابه المنافقين والعذاب في الدنيا : الحد . وفي الآخرة : النار .
وظاهر الآية يتناول كل من كان بهذه الصفة .
والآية إنما نزلت في قَذَفَةِ عائشة إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب{[34227]} ثم قال : { والله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } وهذا حسن الموقع في هذا الموضع ، لأن محبة القلب كافية ونحن لا نعلمها إلا بالإبانة ، وأما الله - سبحانه - فإنه لا يخفى عليه ، وهذا نهاية في الزجر ، لأن من أحبّ إشاعة الفاحشة وإن بالغ في إخفاء تلك المحبة فهو يعلم أن الله يعلم ذلك منه ، ويعلم قدر الجزاء عليه{[34228]} .
وهذه الآية تدل على أن العزم على الذنب العظيم ذنب ، وأن إرادة الفسق فسق ، لأنه تعالى علق الوعيد بمحبّة إشاعة الفاحشة .
قالت المعتزلة : إن الله بالغ في ذم من أحب إشاعة الفاحشة ، فلو كان تعالى هو الخالق لأفعال العباد لما كان مشيع الفاحشة إلا هو ، فكان يجب ألا يستحق الذم على إشاعة الفاحشة إلا هو ، لأنه هو الذي فعل تلك الإشاعة ، وغيره لم يفعل شيئاً ، وتقدم الكلام على ( نظيره {[34229]} ) {[34230]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.