غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (19)

11

ثم بين بقوله { إن الذين يحبون } أن أهل الإفك يشاركهم في عذاب الدارين من رضي بقولهم ، وأنهم كما هم مؤاخذون بما أظهروه فهم معاقبون على ما أضمروه من محبة إشاعة الفاحشة والفحشاء في المؤمنين ، لأنها تدل على الدغل والنفاق وعدم سلامة القلب . والفاحشة والفحشاء ما أفرط قبحه ، وشيوعها انتشارها وظهورها بحيث يطلع عليها كل أحد وخصوص السبب لا يقتضي خصوص الحكم ، فهذا الوعيد شامل لكل من أراد بواحد من المؤمنين أو المؤمنات شيئاً من المضار والأذيات . وبعضهم حمل الفاحشة على الزنا وخصص ما يحب شيوع الفاحشة بعبد الله بن أبي . وخصص الذين آمنوا بعائشة وصفوان ، ولا يخفى ما فيه من ضيق العطن إلا أن يساعده نقل صحيح . وعذاب الدنيا الحد واللعن والذم وما على أهل النفاق من صنوف البلاء ، ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي وحساناً ومسطحاً ، وقعد صفوان لحسان فضربه ضربة بالسيف وكف بصره . وعذاب الآخرة في القبر وفي القيامة هو النار . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لأعرف قوماً يضربون صدورهم ضرباً يسمعه أهل النار وهم الهمازون اللمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون عليهم من الفواحش ما ليس فيهم " وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يؤمن العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " من الخير وأما قوله { والله يعلم وأنتم لا تعلمون } ففي نهاية حسن الموقع لأن الأعمال القلبية محبة الشر أو الخير لا يطلع عليها أحد كما هي إلا الله سبحانه . وإنما نعرف نحن شيئاً من ها بالقرائن والإمارات وفيه وجر عظيم لمن لا يجتهد في أن يكون قلبه سليماً من النفاق والغل ، وحصول هذا الغل في القلب غير العزم على الذنب فإن الأول ملكة والثاني حال ، ولا يلزم من ترتب العقاب على الملكات ترتبه على الأحوال فافهم . قال أبو حنيفة : المغتابة بالفجور لا تستنطق لأن استنطاقها إشاعة للفاحشة وإنها ممنوع عنها . وقالت المعتزلة : في الآية دليل على أنه تعالى غير خالق للكفر ولا مريد وإلا كان ممن يحب أن تشيع الفاحشة . ولقائل أن يقول : قياس الغائب على الشاهد فاسد .

/خ26