السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (19)

ولما كان من أعظم الوعظ بيان ما يستحق على الذنب من العقاب بينه بقوله تعالى : { إن الذين يحبون } أي : يريدون وعبر بالحب إشارة إلى أنه لا يرتكب هذا مع شناعته إلا محب له ، ولا يحبه إلا بعيد عن الاستقامة { أن تشيع } أي : تنتشر بالقول أو الفعل { الفاحشة } الفعلة الكبيرة القبح { في الذين آمنوا } أي : بنسبتها إليهم وهم العصبة ، وقيل : المنافقون { لهم عذاب أليم في الدنيا } أي : بالحدّ للقذف { والآخرة } أي : بالنار لحق الله تعالى إن لم يتب { والله } أي : المستجمع لصفات الجلال والجمال { يعلم } أي : له العلم التام فهو يعلم مقادير الأشياء ما ظهر منها وما بطن وما الحكمة في إظهاره أو ستره أو غير ذلك من جميع الأمور { وأنتم لا تعلمون } أي : ليس لكم علم من أنفسكم فاعملوا بما علمكم فلا تتجاوزوه ولا تضلوا ، وقيل : معناه يعلم ما في قلب من يحب أن تشيع الفاحشة فيجازيه عليها وأنتم لا تعلمون ذلك ، وقيل : والله يعلم انتفاء الفاحشة عنهم وأنتم أيها العصبة لا تعلمون وجودها فيهم .