تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ} (16)

ثم ذكر شدة ما يحصل لهم من الشقاء فقال : { لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ } أي : قطع عذاب كالسحاب العظيم { وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ }

{ ذَلِكَ } الوصف الذي وصفنا به عذاب أهل النار ، سوط يسوق الله به عباده إلى رحمته ، { يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ } أي : جعل ما أعده لأهل الشقاء من العذاب داع يدعو عباده إلى التقوى ، وزاجر عما يوجب العذاب . فسبحان من رحم عباده في كل شيء ، وسهل لهم الطرق الموصلة إليه ، وحثهم على سلوكها ، ورغبهم بكل مرغب تشتاق له النفوس ، وتطمئن له القلوب ، وحذرهم من العمل لغيره غاية التحذير ، وذكر لهم الأسباب الزاجرة عن تركه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوّفُ اللّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَعِبَادِ فَاتّقُونِ } .

يقول تعالى ذكره لهؤلاء الخاسرين يوم القامة في جهنم : مِنْ فَوقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّار وذلك كهيئة الظلل المبنية من النار وَمِنْ تَحْتهمْ ظُلَلٌ يقول : ومن تحتهم من النار ما يعلوهم ، حتى يصير ما يعلوهم منها من تحتهم ظللاً ، وذلك نظير قوله جلّ ثناؤه لَهُمْ : مِنْ جَهَنَمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقهِمْ غَواشٍ يغشاهم مما تحتهم فيها من المهاد .

وقوله : ذلكَ يخَوّفُ اللّهُ بِهِ عبادَهُ يا عبادِ فاتّقُونِ يقول تعالى ذكره : هذا الذي أخبرتكم أيها الناس به ، مما للخاسرين يوم القيامة من العذاب ، تخويف من ربكم لكم ، يخوّفكم به لتحذروه ، فتجتنبوا معاصيه ، وتنيبوا من كفركم إلى الإيمان به ، وتصديق رسوله ، واتباع أمره ونهيه ، فتنجوا من عذابه في الاَخرة فاتّقُونِ يقول : فاتقوني بأداء فرائضي عليكم ، واجتناب معاصيّ ، لتنجوا من عذابي وسخطي .