فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ} (16)

ثم بيّن سبحانه هذا الخسران الذي حلّ بهم ، والبلاء النازل عليهم بقوله : { لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النار } الظلل عبارة عن أطباق النار ، أي لهم من فوقهم أطباق من النار تلتهب عليهم { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } أي أطباق من النار ، وسمي ما تحتهم ظللاً ؛ لأنها تظلّ من تحتها من أهل النار ، لأن طبقات النار صار في كلّ طبقة منها طائفة من طوائف الكفار ، ومثل هذه الآية قوله : { لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ الأعراف : 41 ] ، وقوله : { يَوْمَ يغشاهم العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } [ العنكبوت : 55 ] ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما تقدّم ذكره من وصف عذابهم في النار ، وهو مبتدأ ، وخبره قوله : { يُخَوّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ } أي يحذرهم بما توعد به الكفار من العذاب ؛ ليخافوه فيتقوه ، وهو : معنى { يا عباد فاتقون } أي اتقوا هذه المعاصي الموجبة لمثل هذا العذاب على الكفار ، ووجه تخصيص العباد بالمؤمنين أن الغالب في القرآن إطلاق لفظ العباد عليهم . وقيل : هو للكفار وأهل المعاصي . وقيل هو عامّ للمسلمين والكفار .

/خ20