الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ} (16)

ثم قال تعالى : { لهم من فوقهم ظلال من النار ومن تحتهم ظلال } أي : لهؤلاء في جهنم ما يعلوهم مثل الظل ، وما يسفل عنهم مثل الظل ، وهو مثل قوله : { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش{[58775]} } .

وقيل : هو توسع{[58776]} ، أصل الظلة : ما كان من{[58777]} فوق دون ما كان{[58778]} من أسفل .

وقيل : إنما سمي ما تحتهم : ظلل لأنها ظلل لمن تحتها ففوقهم{[58779]} ظلل لهم ، وهي ظلل لمن فوقهم أيضا سميت لمن هو{[58780]} فوقهم ظلل لأنها ظلل لمن تحتهم{[58781]} .

وقيل : إنما سمي الأسفل باسم الأعلى ، على{[58782]} نحو قوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها }{[58783]} سمي المجازي به باسم الأول ، كذلك سمى الأسفل{[58784]} باسم الأعلى على طريق المجازاة لما كان الأسفل نارا مثل الأعلى سمي باسمه لأنه كله نار يحادي الأخرى .

ثم قال : { ذلك يخوف الله به عباده } أي : هذا الذي أخبرتم{[58785]} به أيها الناس يخوف الله به عباده ويحذرهم به .

{ يا عباد فاتقون } .

روى عصمة{[58786]} أن أبا عمرو{[58787]} أثبت الياء في ( يا عبادي ) ساكنة ، وروى عياش{[58788]} بفتح الياء{[58789]} .

والمعنى : يا عباد فاتقون بأداء الفرائض واجتناب المحارم .


[58775]:الأعراف آية 40.
[58776]:انظر: إعراب النحاس 4/8.
[58777]:ساقط من (ح).
[58778]:(ع) ما هو أمن.
[58779]:فقوقهم.
[58780]:ساقط من (ح).
[58781]:لعل في هذا القول ركاكة. ومعناه: (جعل ما تحتهم ظلة لأنه فوق الآخرين. انظر: المحرر الوجيز 14/72.
[58782]:ساقط من (ح).
[58783]:الشورى: 37.
[58784]:(ح): الأسفل منهم.
[58785]:(ح): أخبرتكم.
[58786]:هو عصمة بن عروة، أبو نجيح الفقيمي البصري، روى القراءة عن أبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود، وروى أيضا حروفا عن أبي بكر بن عياش والأعمش. روى عنه الحروف يعقوب بن إسحاق الحضرمي. قال فيه الذهبي: مجهول. انظر: غاية النهاية 1/512 ت 2119، والمغني في الضعفاء 2/433 ت 4113.
[58787]:هو حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري الثقة، الضبط، المقرئ المشهور. قرأ على الإمام عاصم. توفي سنة 246 هـ. انظر: حجة القراءات 55، وغاية النهاية 1/255 ت 1159، والنشر 1/134.
[58788]:هو عياش بن محمد أبو الفضل الجوهري البغدادي، مشهور، روى القراءة عن أبي عمرو الدوري سماعا، وروى عنه عبد الواحد بن عمر وابن شنبود. توفي سنة 299 هـ. انظر: تاريخ بغداد 12/279 ت 6719، والمنتظم 6/112 ت 154، وغاية النهاية 1/607 ت 2485.
[58789]:اتفق السبعة على قراءة (يا عباد) بغير ياء، وأثبتها رويس وصلا ووقفا. انظر: غيث النفع 338 والبدور الزاهرة 275، وإنشاد الشريد ظهر الورقة 51.