إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ} (16)

وقوله تعالى { لَهُمْ من فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النار } الخ نوع بيانٍ لخسرانِهم بعد تهويلِه بطريقِ الإيهامِ على أنَّ لهم خبرٌ لظُللٌ . ومن فوقِهم متعلِّقٌ بمحذوفٍ قيل : هو حالٌ من ظُللٌ . والأظهرُ أنَّه حالٌ من الضَّميرِ في الظَّرفِ المُقدَّمِ ومن النَّارِ صفةٌ لظللٌ أي لهم كائنةٌ من فوقهم ظللٌ كثيرةٌ متراكبةٌ بعضُها فوق بعضِ كائنةٌ من النَّارِ { وَمِن تَحْتِهِمْ } أيضاً { ظُلَلٌ } أي أطباقٌ كثيرةٌ بعضُها تحتَ بعضٍ ظللٌ لآخرينَ بل لهم أيضاً عد تردِّيهم في دَرَكاتِها { ذلك } العذابُ الفظيعُ هو الذي { يُخَوّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ } ويُحذِّرهم إيَّاه بآياتِ الوعيدِ ليجتنبُوا ما يُوقعهم فيه { يَا عِبَادِ فاتقون } ولا تتعرَّضُوا لَما يُوجبُ سَخَطي . وهذه عظة من الله تعالى بالغةٌ منطويةٌ على غايةِ اللُّطفِ والمرحمةِ وقرئ يا عبادِي .