تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي : تعادل من فضلها ألف شهر ، فالعمل الذي يقع فيها ، خير من العمل في ألف شهر [ خالية منها ] ، وهذا مما تتحير فيه{[1462]}  الألباب ، وتندهش له العقول ، حيث مَنّ تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر ، عمر رجل معمر عمرًا طويلًا ، نيفًا وثمانين سنة .


[1462]:- كذا في ب، وفي أ: به.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

وقوله : { وَمَا أدْرَاكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ } يقول : وما أشعرك يا محمد أيّ شيء ليلة القدر خير من ألف شهر .

اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : العمل في ليلة القدر بما يرضي الله ، خير من العمل في غيرها ألفَ شهر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : بلغني عن مجاهد { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ } قال : عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر .

قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : حدثنا عمرو بن قيس الملائي ، قوله : { خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ } قال : عملٌ فيها خير من عمل ألف شهر .

وقال آخرون : معنى ذلك أن ليلة القدر خير من ألف شهر ، ليس فيها ليلة القدر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ } ليس فيها ليلة القدر .

وقال آخرون في ذلك ما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حَكّام بن سلم ، عن المُثَنّى بن الصّبّاح ، عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد العدوّ بالنهار حتي يُمْسي ، ففعل ذلك ألف شهر ، فأنزل الله هذه الاَية : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ } قيام تلك الليلة خير من عمر ذلك الرجل .

وقال آخرون في ذلك ما :

حدثني أبو الخطاب الجاروديّ سُهيل ، قال : حدثنا سَلْم بن قُتيبة ، قال : حدثنا القاسم بن الفضل ، عن عيسى بن مازن ، قال : قلت للحسن بن عليّ رضي الله عنه : يا مسوّد وجوه المؤمنين ، عمدت إلى هذا الرجل ، فبايعت له - يعني معاوية بن أبي سفيان - فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِي في منامه بني أميّة يَعْلُون منبره خليفة خليفة ، فشقّ ذلك عليه ، فأنزل الله : { إنّا أعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ } و { إنّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أدْرَاكَ ما لَيْلَةُ الْقَدرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ } يعني مُلْكَ بني أمية ، قال القاسم : فحسبنا مُلْكَ بني أمية ، فإذا هو ألف شهر .

وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزليل قول من قال : عمل في ليلة القَدْر خير من عمل ألف شهر ، ليس فيها ليلة القَدْر . وأما الأقوال الأخر ، فدعاوَى معانٍ باطلة ، لا دلالة عليها من خبر ولا عقل ، ولا هي موجودة في التنزيل .