تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } أي : بعد ما هاجر إلى الشام { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ } فلم يأت بعده نبي إلا من ذريته ، ولا نزل كتاب إلا على ذريته ، حتى ختموا{[624]} بالنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم وعليهم أجمعين .

وهذا [ من ] أعظم المناقب والمفاخر ، أن تكون مواد الهداية والرحمة والسعادة والفلاح في ذريَّته ، وعلى أيديهم اهتدى المهتدون ، وآمن المؤمنون ، وصلح الصالحون . { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا } من الزوجة الجميلة فائقة الجمال ، والرزق الواسع ، والأولاد ، الذين بهم قرت عينه ، ومعرفة اللّه ومحبته ، والإنابة إليه .

{ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } بل هو ومحمد صلى اللّه عليهما وسلم أفضل الصالحين على الإطلاق ، وأعلاهم منزلة ، فجمع اللّه له بين سعادة الدنيا والآخرة .


[624]:- في ب: بابنه
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

ثم بين - سبحانه - بعض النعم التى أنعم بها على نبيه إبراهيم ، بعد أن هاجر من العراق إلى بلاد الشام لبتليغ رسالة ربه غلى الناس فقال : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النبوة والكتاب .

. . } .

أى : ووهبنا لإِبراهيم - بعد أن هاجر ومعه زوجه " سارة " وابن أخيه " لوط " - وهبنا له ابنه إسحاق ، وهبنا لإِسحاق يعقوب ، وجعلنا بفضلنا ورحمتنا ، فى ذرية إبراهيم النبوة ، إذ من نسله جميع الأنبياء من بعده ، كما جعلنا فى ذريته - أيضا - الكتب التى أنزلناها على الأنبياء من بعده ، كالتوراة ، والإِنجيل والزبور ، والقرآن .

فالمراد بالكتاب هنا : الكتب السماوية التى انزلها - سبحانه - على موسى وعيسى وداود ومحمد - صلوات الله عليه - وهم جميعا من نسل إبراهيم .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما بال إسماعيل لم يذكر ، وذكر إسحاق ويعقوب ؟

قلت : قد دل عليه فى قوله : { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النبوة والكتاب } وكفى الدليل لشهرة أمره ، وعلو قدره .

فإن قلت : ما المراد بالكتاب ؟ قلت : قصد به جنس الكتاب ، حتى دخل تحته ما نزل على ذريته من الكتب الأرعبة ، التى هى : التوراة ، والزبور ، والإِنجيل ، والقرآن .

وقوله - سبحانه - : { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدنيا } بيان لنعمة أخرى أنعم بها - سبحانه - على نبيه إبراهيم - عليه السلام - .

أى : وهبنا له الذرية الصالحة ، وجعلنا فى ذريته النبوة والكتب السماوية ، وآتيناه أجره على أعماله الصالحة فى الدنيا ، بأن رزقناه الزوجة الصالحة ، والذكر الحسن بعد وفاته .

{ وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين } الذين نعطيهم فيها أجزل العطاء وأوفاه .

وهكذا جمع الله - تعالى - بفضله وإحسانه ، لنبيه إبراهيم ، خيرى الدنيا والآخرة ، جزاء إيمانه العميق ، وعمله الصالح ، ووفائه فى تبليغ رسالة ربه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

و { إسحاق } بن إبراهيم هو الذي بشر به في شيخه ، وبشر ب { يعقوب } من ورائه فهو ولد إسحاق ، { والكتاب } اسم الجنس أي جعل الله تعالى في ذرية إبراهيم جميع الكتب المنزلة التوراة والإنجيل والزبور والقرآن ، وعيسى عليه السلام من ذريته ، وقوله { أجره في الدنيا } ، يريد في حياته وبحيث أدرك ذلك وسر به ، والأجر الذي آتاه الله هو العافية من النار ومن الملك الجائر والعمل الصالح والثناء الحسن قاله مجاهد ، وأن كل أمة تتولاه ، قاله ابن جريج ، والولد الذي قرت به العين بحسب طاعة الله ، قاله الحسن ثم أخبر عنه أنه في الآخرة في عداد الصالحين الذين نالوا رضى الله وفازوا برحمته وكرامته العليا .