الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

ثم قال : { ووهبنا له إسحاق ويعقوب } أي : وهب الله لإبراهيم ولده إسحاق وولد ولده يعقوب بن إسحاق { وجعلنا في ذريته النبوءة والكتاب } أي : والكتب فدل الواحد على الجمع . يعني الكتاب الذي أنزل على موسى وداود وعيسى ومحمد صلى الله عليهم ، كلهم من ذرية إبراهيم .

{ وآتيناه أجر في الدنيا } أي : أعطيناه ثواب بلائه فينا في الدنيا ، { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } أي : في المجازاة لا ينقص من أجره شيء والأجر هنا الثناء الصالح والولد الصالح ، قاله ابن عبس{[54460]} .

قال عكرمة{[54461]} : أجره في الدنيا هو أن أهل كل ملة يتولاه وهو عند الله من الصالحين في الآخرة{[54462]} .

وقال قتادة أجره في الدنيا عافية وعمل صالح وثناء حسن فليست تلقى أحدا من الملل إلا يرضى إبراهيم ويتولاه{[54463]} .

وقيل : أجره في الدنيا أن الله لم يبعث نبيا بعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم إلا من ذريته ، وليس من أهل دين إلا{[54464]} ( وهم ) يتحلون حب إبراهيم صلى الله عليه وسلم ويدعون دينه ، وذلك كله لا ينقصه من ثوابه في الآخرة ، فلذلك قال : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } أي : إن له في الآخرة منازل الصالحين . ومثله قوله تعالى :

{ إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار 45 وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار }{[54465]} يعني في الآخرة لم ينقصهم ما تفضل به عليهم في الدنيا من أجرهم في الآخرة شيئا .


[54460]:انظر: جامع البيان 20/ 144، والدر المنثور 6/ 459
[54461]:هو عكرمة، أبو عبد الله البربري، ثم المدني، مولى عبد الله بن عباس. أصله من البربر من أهل المغرب، تابعي مفسر فقيه، روى عن عائشة وابن عباس والخدري وغيرهم، وروى عنه عاصم الأحول وخالد الحذاء توفي سنة 105 هـ وقيل سنة 107هـ انظر: صفة الصفوة 2/102، 168، ووفيات الأعيان 3/265، 421، وتذكرة الحفاظ 1/95، 87، وتقريب التهذيب 2/30، 277
[54462]:انظر: جامع البيان 20/ 144، والجامع للقرطبي 13/ 430
[54463]:انظر: المصدرين السابقين والدر المنثور 6/ 458
[54464]:مثبت في الطرة
[54465]:ص: الآيتين 45، 46