{ فآمن له } أي لإبراهيم { لوط } فصدقه في جميع ما جاء به ، وقيل : إنه لم يؤمن به إلا حين رأى النار لا تحرقه ، وكان لوط ابن أخي إبراهيم هاران ، وقيل : ابن أخته ، والأول قال ابن عباس : آمن أي : صدق برسالته .
{ وقال إني مهاجر إلى ربي } قال النخعي ، وقتادة : الذي قال إني مهاجر هو إبراهيم . قيل هو أول من هاجر إلى الله وترك بلده ، وسار إلى حيث أمره الله بالمهاجرة إليه ، قيل : هاجر وهو ابن خمس وسبعين سنة ، وقال قتادة : هاجر من كوثى وهي قرية من سواد الكوفة إلى حران ، ثم منها إلى فلسطين ، وهي برية الشام ، ثم إلى الشام ومعه ابن أخيه لوط ، وامرأته سارة ، وقد تزوجها ومن ثم قالوا : لكل نبي هجرة وإبراهيم هجرتان ، والمعنى أني مهاجر عن دار قومي إلى حيث أعبد ربي .
عن أنس قال : أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم صحبهما الله ، إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط أخرجه أبو يعلى ، وابن مردويه ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : هاجر عثمان إلى الحبشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنه أول من هاجر بعد إبراهيم ولوط " أخرجه ابن منده ؛ وابن عساكر ، عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كان بين عثمان وبين رقية وبين لوط ، مهاجر " ، أخرجه الطبراني والحاكم في الكنى وابن عساكر .
{ إنه هو العزيز الحكيم } أي : الغالب الذي أفعاله جارية على مقتضى الحكمة ، وقيل : إن القائل : إني مهاجر إلى ربي هو لوط ، والأول أولى لرجوع الضمير في قوله : { وهبنا له إسحاق ويعقوب } إلى إبراهيم وكذا الضمير في قوله :
قوله : { وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ، وآتيناه أجره في الدنيا } فإن هذه الضمائر كلها لإبراهيم بلا خلاف . يعني منّ الله عليه بالأولاد فوهب له بعد إسماعيل بأربع عشرة سنة إسحق ولدا له ، ويعقوب ولدا لولده إسحق ، وقول ابن عباس : هما ولدا إبراهيم لعله يريد ولده وولد ولده ، لأن ولد الولد بمنزلة الولد ، ومثل هذا لا يخفى على مثل ابن عباس ، وهو حبر الأمة ، وهذه عنه من رواية العوفي .
وفي الصحيحين : " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف عليه السلام بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم ، وجعل من ذريته النبوة فلم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا من صلبه ونسله " .
ووحد الكتاب لأن الألف واللام فيه للجنس الشامل للكتب ، والمراد التوراة والإنجيل والفرقان ، ومعه إيتاء الأجر في الدنيا أنه أعطي فيها الأولاد في غير أوانه وأخبر الله باستمرار النبوة فيهم ، وذلك مما تقر به عينه ويزداد به سروره . وقيل : أجره في الدنيا : أن أهل الملل كلها تدعيه ، وتقول : هو منهم ، ويثنون عليه الثناء الحسن ، ويذكره أهل الإسلام في آخر كل تشهد إلى آخر الدهر ، وقيل : أعطاه في الدنيا عملا صالحا ، وعاقبة حسنة ، وفيه دليل على أن الله تعالى قد يعطي الأجر في الدنيا . وعن ابن عباس قال : إن الله وصى أهل الأديان بدينه ، فليس من أهل الأديان دين إلا وهم يقولون إبراهيم ويرضون به ، وقال : أجر الدنيا الذكر الحسن ، وقال أيضا : الولد الصالح والثناء .
{ وإنه في الآخرة لمن الصالحين } أي الكاملين في الصلاح المستحقين لتوفير الأجرة ، وكثرة العطاء ، والفوز بالدرجات العلا من الرب سبحانه
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.