تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } أي : يا هؤلاء المكذبون ، المتجرؤن على المعاصي ، لا تحسبوا أنه مغفول عنكم ، أو معجزون للّه في الأرض ولا في السماء ، فلا تغرنكم قدرتكم وما زينت لكم أنفسكم وخدعتكم ، من النجاة من عذاب الله ، فلستم بمعجزين الله في جميع أقطار العالم .

{ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ } يتولاكم ، فيحصل لكم مصالح دينكم ودنياكم ، { وَلَا نَصِيرٍ } ينصركم ، فيدفع عنكم المكاره .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

{ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء } أى : وما أنتم - أيها الناس - بقادرين على أن تفلتوا أو تهربوا من لقاء الله - تعالى - ومن حسابه ، سواء أكنتم فى الأرض ، أم كنتم فى السماء ، إذ ليست هناك قوة فى هذا الوجود تحول بينكم وبين الانقلاب إليه - سبحانه - والوقوف بين يديه للحساب والجزاء .

قال الشوكانى : { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء } قال الفراء : ولا من فى السماء يمعجزين الله فيها . . والمعنى : أنه لا يعجزه - سبحانه - أهل الأرض ولا أهل السماء فى السماء لو كنتم فيها ، كما تقول : لا تفوتنى فلان هاهنا ولا بالبصرة . يعنى : ولا بالبصرة لو صار إليها . .

وقوله - سبحانه - : { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } مؤكد لما قبله . أى : لستم بقادرين على الهرب من لقاء الله - تعالى - فى الآخرة . وليس سواه ناصر ينصركم ، أو من قريب يدفع عنكم حكمه وقضاءه - سبحانه - .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

وقوله : { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ } أي : لا يعجزه أحد من أهل سماواته وأرضه ، بل هو القاهر فوق عباده ، وكل شيء خائف منه ، فقير إليه ، وهو الغني عما سواه .

{ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِير } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

ثم أخبر أن إليه المنقلب وأن البشر ليس بمعجز ولا مفلت { في الأرض ولا في السماء } ، ويحتمل أن يريد ب { السماء } الهواء علواً أي ليس للإنسان حيلة صعد أو نزل حكى نحوه الزهراوي ويحتمل أن يريد { السماء } المعروفة أي لستم { بمعجزين في الأرض ولا } ولو كنتم { في السماء } ، وقال ابن زيد معناه ولا من في السماء معجز إن عصى ونظروه على هذا بقول حسان بن ثابت : [ الوافر ]

أمن يهجو رسول الله منا . . . ويمدحه وينصره سواء{[9233]}

والتأويل الأوسط أحسنها .

ونحوه قول الأعشى : [ الطويل ]

ولو كنت في جب ثمانين قامة . . . ولقيت أسباب السماء بسلم

ليعتورنك القول حتى تهزه . . . وتعلم أني لست عنك بمحرم{[9234]}

و «الولي » أخص من «النصير .


[9233]:البيت من قصيدته التي قالها يهجو بها أبا سفيان قبل فتح مكة، وقد روي: (فمن يهجو) في الديوان، وروي في ابن هشام، وأمالي المرتضى كما هنا: (أمن يهجو). والبيت من شواهد الفراء في معاني القرآن، قال: "وقوله تعالى: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء} يقول القائل: وكيف وصفهم أنهم لا يعجزون في الأرض ولا في السماء وليسوا من أهل السماء؟ فالمعنى والله أعلم: ما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا من في السماء بمعجز، وهو من غامض العربية، للضمير الذي لم يظهر في الثاني، ومثله قول حسان: فمن يهجو... البيت ، أراد: ومن ينصره ويمدحه، فأضمر (من) وقد يقع في وهم السامع أن المدح والنصر لـ (من) هذه الظاهرة، ومثله في الكلام: أكرم من أتاك وأتى أباك"، "وأكرم من أتاك ولم يأت زيدا"، تريد : ومن لم يأت زيدا" 1هـ.
[9234]:البيتان من قصيدة له قالها يهجو عمير بن عبد الله بن المنذر بن عبدان حين جمع بينه وبين جهنام ليهاجيه، والرواية في الديوان: (لئن كنت في جب)، وهو جواب قسم في أبيات سابقة يحلف فيه بالراقصات من النياق في الطريق إلى منى، بأنه لو نزل في باطن الأرض إلى أشد الأعماق، ولو صعد في الفضاء، إلى أقصى ما يمكن فلن يفلت من هجائه. (واستدرجه القول) معناه: صيره إلى أن يدرج، يقال: استدرجه بمعنى: أدناه منه على التدريج فتدرج هو، ومنه قوله تبارك وتعالى: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}، والشاعر يريد هنا أنه سيأخذه قليلا قليلا من حيث لا يحتسب. وفي رواية: "ليعتورنك القول" بمعنى: ليأخذنك من كل جانب ويتداولك، و (حتى تهره) أي: حتى تكرهه، ويمكن أن يكون (تهره) بالضم من الهرار، يقال: هر يهر هرارا: أطلقه من بطنه حتى مات. و (لست بملجم) أي: ليس في فمي لجام يمنعني من هجائك، بل أنا قادر على ذلك متمكن منه، والشاهد أن الشاعر استعمل السماء هنا بمعنى الهواء أو الفضاء العالي حين قال له: لئن اختفيت في الأرض أو صعدت في السماء فلن تفلت من هجائي.