ثم ذكر شدة ما يحصل لهم من الشقاء فقال : { لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ } أي : قطع عذاب كالسحاب العظيم { وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ }
{ ذَلِكَ } الوصف الذي وصفنا به عذاب أهل النار ، سوط يسوق الله به عباده إلى رحمته ، { يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ } أي : جعل ما أعده لأهل الشقاء من العذاب داع يدعو عباده إلى التقوى ، وزاجر عما يوجب العذاب . فسبحان من رحم عباده في كل شيء ، وسهل لهم الطرق الموصلة إليه ، وحثهم على سلوكها ، ورغبهم بكل مرغب تشتاق له النفوس ، وتطمئن له القلوب ، وحذرهم من العمل لغيره غاية التحذير ، وذكر لهم الأسباب الزاجرة عن تركه .
ثم وصف حالهم في النار فقال : { لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } كما قال : { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } [ الأعراف : 41 ] ، وقال : { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ العنكبوت : 55 ] .
وقوله : { ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ } أي : إنما يَقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوف به عباده ، لينزجروا عن المحارم والمآثم .
وقوله : { يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ } أي : اخشوا بأسي وسطوتي ، وعذابي ونقمتي .
هذه صفة حال أهل جهنم . والظلة : ما غشي وغم كالسحابة وسقف البيت ونحوه ، فأما ما فوقهم فكونه ظلة بين ، وأما ما تحتهم فقالت فرقة : سمي ظلة لأنه يتلهب ويصعد مما تحتهم شيء كثير ولهب حتى يكون ظلة ، فإن لم يكن فوقهم شيء لكفى فرع الذي تحتهم في أن يكون ظلة ، وقالت فرقة : جعل ما تحتهم ظلة ، لأنه فوق آخرين ، وهكذا هي حالهم إلا الطبقة الأخيرة التي في القعر .
وقوله : { عباده } يريد جميع العالم خوفهم الله النار وحذرهم منها ، فمن هدي وآمن نجا ، ومن كفر حصل فيما خوف منه . واختلفت القراءة في قوله : «عباد » وقد تقدم نظيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.