تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (170)

وإنما العقلاء حقيقة من وصفهم اللّه بقوله وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ أي : يتمسكون به علما وعملا فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار ، التي علمها أشرف العلوم .

ويعلمون بما فيها من الأوامر التي هي قرة العيون وسرور القلوب ، وأفراح الأرواح ، وصلاح الدنيا والآخرة .

ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات ، إقامة الصلاة ، ظاهرا وباطنا ، ولهذا خصها الله بالذكر لفضلها ، وشرفها ، وكونها ميزان الإيمان ، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات .

ولما كان عملهم كله إصلاحا ، قال تعالى : إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم ، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم .

وهذه الآية وما أشبهها دلت على أن اللّه بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد ، وبالمنافع لا بالمضار ، وأنهم بعثوا بصلاح الدارين ، فكل من كان أصلح ، كان أقرب إلى اتباعهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (170)

ثم أثنى الله - تعالى - على من تمسك بكتابه ، فأحل حلاله وحرم حرامه ، ولم يتقول على الله الكذب فقال تعالى : { والذين يُمَسِّكُونَ بالكتاب وَأَقَامُواْ الصلاة إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ المصلحين } والمراد بالكتاب التوراة أو القرآن أو جنس الكتب السماوية عموما .

والمعنى : والذين يستمسكون بأوامر الكتاب الذي أنزله الله ويعتصمون بحبله في جميع شئونهم إنا لا نضيع أجرهم لأنهم قد أصلحوا دينهم ودنياهم والله لا يضيع أجر من أحسن عملا .

وخص الصلاة بالذكر مع دخولها فيما قبلها إظهارا لمزيتها لكونها عماد الدين وناهية عن الفحشاء والمنكر .

وبذلك تكون الآيتان الكريمتان قد وبختا اليهود لافترائهم على الله الكذب وردتا عليهم في دعواهم أن ذنوبهم مغفورة لهم مع تعمدهم أكل أموال الناس بالباطل ، وبينتا لهم طريق الفلاح لكى يسيروا عليها ، إن كانوا ممن ينتفع بالذكر ، ويعتبر بالمثلات . ثم ختمت السورة الكريمة حديثها الطويل عن بنى إسرائيل بتذكيرهم بالعهد الذي أخذه الله عليهم ، وبأمرهم بالإيمان والعمل الصالح فقالت : { والذين يُمَسِّكُونَ . . . } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (170)

ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، كما هو مكتوب فيه ، فقال تعالى { وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ } أي : اعتصموا به واقتدوا بأوامره ، وتركوا زواجره { وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (170)

{ والذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة } عطف على الذين { يتقون } وقوله : { أفلا يعقلون } اعتراض أو مبتدأ خبره : { إنا لا نضيع أجر المصلحين } على تقدير منهم ، أو وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على أن الإصلاح كالمانع من التضييع . وقرأ أبو بكر { يمسكون } بالتخفيف وإفراد الإقامة لإنافتها على سائر أنواع التمسكات .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (170)

وقعت جملة : { والذين يمسِكون بالكتاب } إلى آخرها عقب التي قبلها : لأن مضمونها مقابلَ حكمَ التي قبلها إذ حصل من التي قبلها أن هؤلاء الخلف الذين أخذوا عرض الأدني قد فرطوا في ميثاق الكتاب ، ولم يكونوا من المتقين ، فعُقب ذلك ببشارة من كانوا ضد أعمالهم ، وهم الآخذون بميثاق الكتاب والعاملون ببشارته بالرسل ، وآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فأولئك يستكملون أجرهم لأنهم مصلحون . فكني عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بإقامة الصلاة ، لأن الصلاة شعار دين الإسلام ، حتى سمي أهل الإسلام أهلَ القبلة ، فالمراد من هؤلاء هم من آمن من اليهود بعيسى في الجملة وإن لم يتبعوا النصرانية ، لأنهم وجدوها مبدّلة محرّفة فبقوا في انتظار الرسول المخلّص الذي بشرت به التوراة والإنجيل ، ثم آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم حين بُعث : مثل عبد الله بن سَلاَم .

ويحتمل أن المراد بالذين يمسكون بالكتاب : المسلمون ، ثناء عليهم بأنهم الفائزون في الآخرة وتبشيراً لهم بأنهم لا يسلكون بكتابهم مسلك اليهود بكتابهم .

وجملة : { إنا لا نضيع أجر المصلحين } خبر عن الذين يمسكون ، والمصلحون هم ، والتقدير : إنّا لا نضيع أجرهم لأنهم مصلحون ، فطوي ذكرهم اكتفاء بشمول الوصف لهم وثناء عليهم على طريقة الإيجاز البديع .