تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

وأما الثواب الدنيوي لهذه التجارة ، فذكره بقوله : { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا } أي : ويحصل لكم خصلة أخرى تحبونها وهي : { نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ } [ لكم ] على الأعداء ، يحصل به العز والفرح ، { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } تتسع به دائرة الإسلام ، ويحصل به الرزق الواسع ، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين ، وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد ، [ إذا قام غيرهم بالجهاد ]{[1087]}  فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله وإحسانه ، بل قال : { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } أي : بالثواب العاجل والآجل ، كل على حسب إيمانه ، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، أعدها الله للمجاهدين في سبيله " {[1088]} .


[1087]:- زيادة من هامش ب.
[1088]:- في ب جاء بدلا من هذا الحديث ما يلي: [كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة) فعجب لها أبو سعيد الخدري- راوي الحديث - فقال: أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه ثم قال: (وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) فقال: وما هي يا رسول الله؟ قال: "الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله) رواه مسلم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

وقوله - سبحانه - : { وأخرى تُحِبُّونَهَا } بيان لنعمة أخرى يعطيهم - سبحانه - إياها ، سوى ما تقدم من نعم عظمى .

ولفظ " أخرى " مبتدأ خبره دل عليه ما تقدم ، وقوله : { تُحِبُّونَهَا } صفة للمبتدأ .

أى : ولكم - فضلا عن كل ما تقدم - نعمة أخرى تحبونها وتتطلعون إليها .

وهذه النعمة هى : { نَصْرٌ } عظيم كائن { مِّن الله } - تعالى - لكم { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أى : عاجل { وَبَشِّرِ المؤمنين } أى : وبشر - أيها الرسول الكريم - المؤمنين بذلك ، حتى يزدادوا إيمانا على إيمانهم ، وحتى تزداد قلوبهم انشراحا وسرورا .

ويدخل فى هذا النصر والفتح القريب دخولا أوليا : فتح مكة ، ودخول الناس فى دين الله أفواجا .

وهذه الآية الكريمة من معجزات القرآن الكريم ، الراجعة إلى الإخبار بالغيب ، حيث أخبر - سبحانه - بالنصر والفتح ، فتم ذلك للنبى - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه ، فى أكمل صورة ، وأقرب زمن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

ثم قال : { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا } أي : وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها ، وهي : { نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أي : إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه ، تكفل الله بنصركم . قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد : 7 ] وقال تعالى : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ الحج : 40 ] وقوله ك{ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أي : عاجل فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة ، لمن أطاع الله ورسوله ، ونصر الله ودينه ؛ ولهذا قال : { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

13-14

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأُخْرَىَ تُحِبّونَهَا نَصْرٌ مّن اللّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ * يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُونُوَاْ أَنصَارَ اللّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنّصَارِيَ إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ فَآمَنَت طّآئِفَةٌ مّن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طّآئِفَةٌ فَأَيّدْنَا الّذِينَ آمَنُواْ عَلَىَ عَدُوّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } .

اختلف أهل العربية فيما نعتت به قوله وأُخْرَى فقال بعض نحوييّ البصرة : معنى ذلك : وتجارة أخرى ، فعلى هذا القول يجب أن يكون أخرى في موضع خفض عطفا به على قوله : هَلْ أدُلّكُمْ على تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمِ وقد يحتمل أن يكون رفعا على الابتداء . وكان بعض نحويي الكوفة يقول : هي في موضع رفع . أي ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الاَخرة ، ثم قال : نصر من الله مفسرا للأخرى .

والصواب من القول في ذلك عندي القول الثاني ، وهو أنه معنّي به : ولكم أخرى تحبونها ، لأن قوله نَصْرٌ مِنَ اللّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ مبين عن أن قوله وأُخرى في موضع رفع ، ولو كان جاء ذلك خفضا حسن أن يجعل قوله وأُخْرَى عطفا على قوله تِجَارَةٍ ، فيكون تأويل الكلام حينئذ لو قرىء ذلك خفضا ، وعلى خلة أخرى تحبونها ، فمعنى الكلام إذا كان الأمر كما وصفت : هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تؤمنون بالله ورسوله ، يغفر لكم ذنوبكم ، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ، ولكم خلة أخرى سوى ذلك في الدنيا تحبونها : نصر من الله لكم على أعدائكم ، وفتح قريب يعجله لكم .

وَبَشّرِ المُوءْمِنِينَ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وبشر يا محمد المؤمنين بنصر الله إياهم على عدّوهم ، وفتح عاجل لهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (13)

قوله تعالى : { وأخرى } قال الأخفش هي في موضع خفض على { تجارة } [ الصف : 10 ] ، وهذا قول قلق ، قد رد عليه ناس ، واحتج له آخرون ، والصحيح ضعفه ، لأن هذه «الأخرى » ليست مما دل عليه إنما هي مما أعطى ثمناً وجزاء على الإيمان والجهاد بالنفس والمال ، وقال الفراء : { وأخرى } في موضع رفع ، وقال قوم : إن { أخرى } ، في موضع نصب بإضمار فعل ، كأنه قال : { يغفر ذنوبكم ويدخلكم جنات } [ الصف : 12 ] ويمنحكم أخرى ، وهي النصر والفتح القريب ، وقرأ ابن أبي عبلة «نصراً من الله وفتحاً » ، بالنصب فيهما ، ووصفها تعالى بأن النفوس تحبها من حيث هي عاجلة في الدنيا ، وقد وكلت النفس لحب العاجل ، ففي هذا تحريض ، ثم قواه تعالى بقوله : { وبشر المؤمنين } وهذه الألفاظ في غاية الإيجاز ، وبراعة المعنى ، ثم ندب الله تعالى المؤمنين إلى النصرة ، ووضع لهم هذا الاسم ، وإن كان العرف قد خص به الأوس والخزرج ، وسماهم الله تعالى به .