تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

{ 88 - 89 ْ } { لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ْ }

يقول تعالى : إذا تخلف هؤلاء المنافقون عن الجهاد ، فاللّه سيغني عنهم ، وللّه عباد وخواص من خلقه اختصهم بفضله يقومون بهذا الأمر ، وهم { الرَّسُولُ ْ } محمد صلى الله عليه وسلم ، { وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ْ } غير متثاقلين ولا كسلين ، بل هم فرحون مستبشرون ، { وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ْ } الكثيرة في الدنيا والآخرة ، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ْ } الذين ظفروا بأعلى المطالب وأكمل الرغائب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

وقوله - سبحانه - { لكن الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } استدراك لبيان حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ، بعد بيان حال المنافقين .

أى : إذا كان حال المنافقين كما وصفنا من جبن وتخاذل وهو أن . . . فإن حال المؤمنين ليس كذلك ، فإنهم قد وقفوا إلى جانب رسولهم - صلى الله عليه وسلم - فجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله ، وأطاعوه في السر والعلن ، وآثروا ما عند الله على كل شئ في هذه الحياة . .

وقد بين - سبحانه - جزاءهم الكريم فقال : { وأولئك لَهُمُ الخيرات } أى : أولئك المؤمنون الصادقون لهم الخيرات التي تسر النفس ، وتشرح الصدر في الدنيا والآخرة { وأولئك هُمُ المفلحون } الفائزون بسعادة الدارين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

لما ذكر تعالى ذم المنافقين ، بيَّن ثناء المؤمنين ، وما لهم في آخرتهم ، فقال : { لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا } إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم .

وقوله : { وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ } أي : في الدار الآخرة ، في جنات الفردوس والدرجات العلى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

القول في تأويل قوله تعالى : { لََكِنِ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلََئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .

يقول تعالى ذكره : لم يجاهد هؤلاء المنافقون الذين اقتصصت قصصهم المشركين ، لكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والذين صدّقوا الله ورسوله معه هم الذين جاهدوا المشركين بأموالهم وأنفسهم ، فأنفقوا في جهادهم أموالهم وأتعبوا في قتالهم أنفسهم وبذلوها . وأولَئِكَ يقول : وللرسول وللذين آمنوا معه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم الخيرات ، وهي خيرات الاَخرة ، وذلك نساؤها وجناتها ونعيمها ، واحدتها : خَيْرة ، كما قال الشاعر :

وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجَامعَ الرّبلاَتِ *** رَبلاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الملَكاتِ

والخيرة من كلّ شيء : الفاضلة . وأُولَئكَ هُمُ المُفْلحُونَ يقول : وأولئك هم المخلدون في الجنات الباقون فيها الفائزون بها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

{ لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم } أي إن تخلف هؤلاء ولم يجاهدوا فقد جاهد من هو خير منهم . { وأولئك لهم الخيرات } منافع الدارين النصر والغنيمة في الدنيا والجنة والكرامة في الآخرة . وقيل الحور لقوله تعالى : { فيهن خيرات حسان } وهي جمع خيرة تخفيف خيرة . { وأولئك هم المفلحون } الفائزون بالمطالب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

الأكثر في { لكن } أن تجيء بعد نفي ، وهو ها هنا في المعنى ، وذلك أن الآية السالفة معناها أن المنافقين لم يجاهدوا فحسن بعدها «لكن الرسول والمؤمنون جاهدوا » ، و { الخيرات } جمع خيرة وهو المستحسن من كل شيء ، وكثر استعماله في النساء ، فمن ذلك قوله عز وجل : { فيهن خيرات حسان }{[5824]} ومن ذلك قول الشاعر أنشده الطبري : [ الكامل ]

ولقد طعنت مجامع الربلات *** ربلات هند َخيرة الملكات{[5825]}

و { المفلحون } الذين أدركوا بغيتهم من الجنة ، والفلاح يأتي بمعنى إدراك البغية ، من ذلك قول لبيد : [ الرجز ]

أفلح بما شئت فقد يبلغ بالض*** عف وقد يخدع الأريب{[5826]}

ويأتي بمعنى البقاء ومن ذلك قول الشاعر : [ المنسرح ]

لكل همٍّ من الهموم سعهْ*** والمسى والصبح لا فلاح معهْ{[5827]}

أي لا بقاء .

قال القاضي أبو محمد : وبلوغ البغية يعم لفظة الفلاح حيث وقعت فتأمله .


[5824]:- الآية (70) من سورة (الرحمن).
[5825]:- البيت أنشده أيضا أبو عبيدة، وهو لرجل من بني عدي تيم جاهلي، قال الأخفش في قوله تعالى: {فيهن خيرات حسان}: "إنه لما وصف به وقيل: "فلان خير" أشبه الصفات فأدخلوا فيه الهاء للمؤنث، ولم يريدوا به أفعل، (كما في البيت)، فإن أردت معنى التفضيل قلت: "فلانة خير الناس" ولم تقل خيرة، "وفلان خير الناس" ولم تقل أخير. والرّبلات: جمع ربلة بتسكين الباء وبتحريكها، قال الأصمعي: والتحريك أفصح، وهي ما حول الضّرع والحياء من باطن الفخذ، وخيرة بسكون الخاء هي الفاضلة من كل شيء. وقيل: هي الكريمة النسب، الشريفة الحسب، الحسنة الوجه، الحسنة الخلق، الكثيرة المال.
[5826]:- نسب صاحب (اللسان) البيت لعبيد، ورواه "بالنّوك" بدلا من "بالضعف" وأشار إلى رواية الضعف، والمعنى: عش بما شئت من عقل وحمق فقد يرزق الأحمق ويُحرم العاقل. وقد سبق الاستشهاد بالبيت في غير هذا الموضع من الكتاب.
[5827]:- البيت للأضبط بن قريع السعدي، والمعنى: ليس مع كرّ الليل والنهار بقاء. وهذا وقد سبق لابن عطية أن استشهد بهذا البيت في مواضع أخرى من تفسيره.