تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ وَأَعَدَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَرِيمٗا} (44)

هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * }

أي : من رحمته بالمؤمنين ولطفه بهم ، أن جعل من صلاته عليهم ، وثنائه ، وصلاة ملائكته ودعائهم ، ما يخرجهم من ظلمات الذنوب والجهل ، إلى نور الإيمان ، والتوفيق ، والعلم ، والعمل ، فهذه أعظم نعمة ، أنعم بها على العباد الطائعين ، تستدعي منهم شكرها ، والإكثار من ذكر اللّه ، الذي لطف بهم ورحمهم ، وجعل حملة عرشه ، أفضل الملائكة ، ومن حوله ، يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا فيقولون : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

فهذه رحمته ونعمته عليهم في الدنيا .

وأما رحمته بهم في الآخرة ، فأجل رحمة ، وأفضل ثواب ، وهو الفوز برضا ربهم ، وتحيته ، واستماع كلامه الجليل ، ورؤية وجهه الجميل ، وحصول الأجر الكبير ، الذي لا يدري ولا يعرف كنهه ، إلا من أعطاهم إياه ، ولهذا قال : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ وَأَعَدَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَرِيمٗا} (44)

ثم بين - عز وجل - ما أعده للمؤمنين فى الآخرة فقال : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } .

والتحية : أن يقول قائل للشخص : حياك الله ، أى : جعل لك حاية طيبة .

وهذه التحية للمؤمنين فى الآخرة ، تشمل تحية الله - تعالى - لهم ، كما فى قوله - سبحانه - : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }

وتشمل تحية الملائكة لهم ، كما فى قوله - تعالى - : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار } كما تشمل تحية بعضهم لبعض كما فى قوله - عز وجل - : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهم وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } أى : تحية المؤمنين يوم يلقون الله - تعالى فى الآخرة ، أو عند قبض أرواحهم ، سلام وأمان لهم من كل ما يفزعهم أو يخيفهم أو يزعجهم .

{ وَأَعَدَّ لَهُمْ } - سبحانه - يوم القيامة { أَجْراً كَرِيماً } هو الجنة التى فيها مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ وَأَعَدَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَرِيمٗا} (44)

وقوله : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ } الظاهر أن المراد - والله أعلم - { تَحِيَّتُهُمْ } أي : من الله تعالى يوم يلقونه { سَلامٌ } أي : يوم يسلم عليهم كما قال تعالى : { سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } [ يس : 58 ] .

وزعم قتادة أن المراد أنهم يحيي{[23627]} بعضهم بعضا بالسلام ، يوم يلقون الله في الدار الآخرة . واختاره ابن جرير .

قلت : وقد يستدل بقوله{[23628]} تعالى : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ يونس : 10 ] ، وقوله : { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا }{[23629]} يعني : الجنة وما فيها من المآكل والمشارب ، والملابس والمساكن ، والمناكح والملاذ والمناظر وما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .


[23627]:- في ت: "يحيون".
[23628]:- في ت ، ف ، أ: "وقد يستدل له بقوله".
[23629]:- في ت: "عظيما" وهو خطأ.