تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } وهذا استدلال عليهم ، بأمر لا يمكنهم فيه إلا التسليم للحق ، أو الخروج عن موجب العقل والدين ، وبيان ذلك : أنهم منكرون لتوحيد الله ، مكذبون لرسوله ، وذلك مستلزم لإنكار أن الله خلقهم .

وقد تقرر في العقل مع الشرع ، أن الأمر لا يخلو من أحد ثلاثة أمور :

إما أنهم خلقوا من غير شيء أي : لا خالق خلقهم ، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد ، وهذا عين المحال .

أم هم الخالقون لأنفسهم ، وهذا أيضا محال ، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم{[885]}

فإذا بطل [ هذان ] الأمران ، وبان استحالتهما ، تعين [ القسم الثالث ] أن الله الذي خلقهم ، وإذا تعين ذلك ، علم أن الله تعالى هو المعبود وحده ، الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح إلا له تعالى .


[885]:- في ب:أن يوجد أحد نفسه.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

ثم وبخهم - سبحانه - على عدم تفكرهم فى خلق أنفسهم فقال : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون أَمْ خَلَقُواْ السماوات والأرض بَل لاَّ يُوقِنُونَ } .

أى : بل أَخُلِقُوا على هذه الكيفية البديعة ، والهيئة القويمة ، من غير أن يكون هناك خالق لهم ؟ أم هم الذين خلقوا أنفسهم بدون احتياج لخالق ؟ أم هم الذين قاموا بخلق السموات والأرض ؟

لا ، إن شيئا من ذلك لم يحدث ، فإنهم لم يُخْلَقُوا من غير شىء ، وإنما الذى خلقهم بقدرته - تعالى - هو الله وحده ، كما خلق - سبحانه - السموات والأرض بقدرته - أيضا - وهم يعترفون بذلك ، كما فى قوله - تعالى - : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله } { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله . . }

وقوله : { بَل لاَّ يُوقِنُونَ } أى : هم ليسوا على يقين من أمرهم ، وإنما هم يخبطون خبط عشواء ، فهم مع اعترافهم بأن الله - تعالى - هو الذى خلقهم ، إلا أن هذا الاعتراف صار كالعدم ، لأنهم لم يعملوا بموجبه ، من إخلاص العبادة له - تعالى - والإيمان بالحق الذى جاءهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند خالقهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

والاستفهام التالي عن حقيقة وجودهم ، هم أنفسهم ، وهي حقيقة قائمة لا مفر لهم من مواجهتها ، ولا سبيل لهم إلى تفسيرها بغير ما يقوله القرآن فيها ، من أن لهم خالقا أوجدهم هو الله سبحانه . وهو موجود بذاته . وهم مخلوقون .

( أم خلقوا من غير شيء ? أم هم الخالقون ? ) . .

ووجودهم هكذا من غير شيء أمر ينكره منطق الفطرة ابتداء ؛ ولا يحتاج إلى جدل كثير أو قليل . أما أن يكونوا هم الخالقين لأنفسهم فأمر لم يدعوه ولا يدعيه مخلوق . وإذا كان هذان الفرضان لا يقومان بحكم منطق الفطرة ، فإنه لا يبقى إلا الحقيقة التي يقولها القرآن . وهي أنهم جميعا من خلق الله الواحد الذي لا يشاركه أحد في الخلق والإنشاء ؛ فلا يجوز أن يشاركه أحد في الربوبية والعبادة . . وهو منطق واضح بسيط .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

{ أم خلقوا من غير شيء } أم أحدثوا وقدروا من غير محدث ومقدر فلذلك لا يعبدونه ، أو من أجل لا شيء من عبادة ومجازاة . { أم هم الخالقون } يؤيد الأول فإن معناه أم خلقوا أنفسهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

وقوله تعالى : { أم خلقوا من غير شيء } قال الطبري معناه : أم خلقوا خلق الجماد من غير حي{[10657]} فهم لا يؤمرون ولا ينهون كما هي الجمادات عليه . وقال آخرون معناه : خلقوا لغير علة ولا لغير عقاب ولا ثواب . فهم لذلك لا يسمعون ولا يتشرعون . وهذا كما تقول : فعلت كذا وكذا من غير علة ، أي لغير علة . ثم وقفهم على جهة التوبيخ على أنفسهم : أهم الذين خلقوا الأشياء ؟ فهم لذلك يتكبرون .


[10657]:عبارة الطبري أوضح، وهي:"أخلق هؤلاء المشركون من غير شيء، أي من غير آباء ولا أمهات؟".