تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

الآية 35 وقوله تعالى : { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } قال عامة أهل التأويل : أي أم خُلقوا من غير أب ، ولكن ليس في ما ذكروا كثير فائدة لو خُلقوا من غير أب إلا أن يريدوا ذلك حتى لم يعرفوا من خلقهم ، وممن خُلقوا . بل كانت لهم آباء عوّدوهم ، وأعلموهم بأن لهم خالقا ، وأنهم مخلوقون ، وليسوا بخالقين ، أو كلام نحوه . فكيف يتكلّمون بما هو سفه ؟ وكيف يصرّون عليه .

وعندنا يخرّج على وجهين :

أحدهما : { أم خُلقوا من غير شيء } أي يعلمون أنهم [ لو خُلقوا من غير ]{[20012]} شيء ، أو خُلقوا من تراب ولغير معنى وحكمة لكان خلقُهم عبثا باطلا ، وهم يعلمون أنهم لم يُخلقوا لعبا وباطلاً .

والثاني : يقال : لا يخلو ؛ إما أن يكونوا خُلقوا من غير شيء ، وإما خُلقوا من تراب وماء . فكيف ما كان ، فدلّ أن قدرته ذاتية لا مستفادة{[20013]} ، فلا يُحتمل أن يعجزه شيء .

وقوله تعالى : { أم هم الخالقون } أي ليسوا هم بخالقين .


[20012]:في الأصل وم: لم يخلقوا الغير.
[20013]:من م، في الأصل: مستعانة.