البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

{ أم خلقوا من غير شيء } : أي من غير شيء حي كالجماد ، فهم لا يؤمرون ولا ينهون ، كما هي الجمادات عليه ، قاله الطبري .

وقيل : { من غير شيء } : أي من غير علة ولا لغاية عقاب وثواب ، فهم لذلك لا يسمعون ولا يتشرعون ، وهذا كما تقول : فعلت كذا وكذا من غير علة : أي لغير علة ، فمن للسبب ، وفي القول الأول لابتداء الغاية .

وقال الزمخشري : { أم خلقوا } : أم أحدثوا ؟ وقدروا التقدير الذي عليه فطرتهم ؛ { من غير شيء } : من غير مقدر ، أم هم الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق ؟ { بل لا يوقنون } : أي إذا سئلوا : من خلقكم وخلق السموات والأرض ؟ قالوا : الله ، وهم شاكون فيما يقولون لا يوقنون .

أم خلقوا من غير رب ولا خالق ؟ أي أم أحدثوا وبرزوا للوجود من غير إله يبرزهم وينشئهم ؟ { أم هم الخالقون } لأنفسهم ، فلا يعبدون الله ، ولا يأتمرون بأوامره ، ولا ينتهون عن مناهيه .

والقسمان باطلان ، وهم يعترفون بذلك ، فدل على بطلانهم .

35