السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (35)

{ أم خلقوا } أي : وقع خلقهم على هذه الكيفية المتقنة { من غير شيء } أي : خالق خلقهم فوجدوا بلا خالق وذلك مما لا يجوز أن يكون لأنّ تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق { أم هم الخالقون } لأنفسهم وذلك في البطلان أشدّ ، لأنّ ما لا وجود له كيف يخلق فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأنّ لهم خالقاً وهو الله تعالى فلم لا يوحدنه ويؤمنون به وبرسوله وبكتابه وقال الزجاج : معناه أخلقوا باطلاً لا يحاسبون ولا يؤمنون وقال ابن كيسان : أخلقوا عبثاً وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون كقول القائل : فعلت كذا وكذا من غير شيء ، أي : لغير شيء أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر . وقيل : معناه أخلقوا من غير أب وأم .

تنبيه : لا خلاف أنّ أم هنا ليست بمعنى بل لكن أكثر المفسرين على أن المراد ما يقع في صدر الكلام من الاستفهام بالهمزة كأنه يقول اخلقوا من غير شيء قال الرازي : ويحتمل أن يقال هو على أصل الوضع للاستفهام الذي يقع في أثناء الكلام وتقديره : أخلقوا من غير شيء أم هم الخالقون .