تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

{ اتبعوا الْحَقُّ } الذي هو الصدق واليقين ، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم ، الصادر { مِنْ رَبِّهِمْ } الذي رباهم بنعمته ، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق فاتبعوه ، فصلحت أمورهم ، فلما كانت الغاية المقصودة لهم ، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي الحق المبين ، كانت الوسيلة صالحة باقية ، باقيا ثوابها .

{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر ، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون { ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

والإِشارة فى قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل } تعود إلى ما مر من ذم الكافرين ، ومدح المؤمنين .

أى : ذلك الذين حكمنا به من ضلال أعمال الكافرين ، ومن إصلاح بال المؤمنين ، سببه أن الذين كفروا ابتعوا فى دنياهم الطريق الباطل الذى لا خير فيه ولا فلاح . وأن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحاة فى دنياهم ، اتبعوا طريق الحق الكائن من ربهم .

فالمراد بالباطل هنا . الكفر وما يتبعه من أعمال قبيحة ، والمراد بالحق : الإِيمان والعمل الصالح .

وقوله { ذَلِكَ } مبتدأ ، وخبره ما بعده .

وقوله : { كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } أى : مثل ذلك البيان الرائع الحكيم ، يبين الله - تعالى - : للناس أحوال الفريقين ، وأوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الأمثال ، وهى اتباعُ المؤمنين الحقَّ وفوزُهم ، واتباعُ الكافرين الباطَل وخسرانهم .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : أين ضرب الأمثال ؟ قلت : فى جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار ، واتباع الحق مثلا لعلم المؤمنين ، أو فى أن جعل الإِضلال مثلا لخيبة الكفار ، وتكفير السيئات مثلا لفوز المؤمنين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

ولم كان هذا وكان ذاك ? إنها ليست المحاباة . وليست المصادفة . وليس الجزاف . إنما هو أمر له أصله الثابت ، المرتبط بالناموس الأصيل الذي قام عليه الوجود يوم خلق الله السماوات والأرض بالحق ، وجعل الحق هو الأساس :

( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) . .

والباطل ليست له جذور ضاربة في كيان هذا الوجود ؛ ومن ثم فهو ذاهب هالك ؛ وكل من يتبعه وكل ما يصدر عنه ذاهب هالك كذلك . ولما كان الذين كفروا اتبعوا الباطل فقد ضلت أعمالهم ، ولم يبق لهم منها شيء ذو غناء .

والحق ثابت تقوم عليه السماوات والأرض ، وتضرب جذوره في أعماق هذا الكون . ومن ثم يبقى كل ما يتصل به ويقوم عليه . ولما كان الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ، فلا جرم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم .

فهو أمر واضح مقرر يقوم على أصوله الثابتة ، ويرجع إلى أسبابه الأصلية . وما هو فلتة ولا مصادفة ولا جزاف ( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) . وكذلك يضع لهم القواعد التي يقيسون إليها أنفسهم وأعمالهم . فيعلمون المثل الذي ينتمون إليه ويقاسون عليه . ولا يحتارون في الوزن والقياس !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

ثم قال تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ } أي : إنما أبطلنا أعمال الكفار ، وتجاوزنا عن سيئات الأبرار ، وأصلحنا شؤونهم ؛ لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، أي : اختاروا الباطل على الحق ، { وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } أي : يبين لهم مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في معادهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

{ ذلك } إشارة إلى مرة من الإضلال والتكفير والإصلاح وهو مبتدأ خبره . { بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } بسبب اتباع هؤلاء الباطل واتباع هؤلاء الحق ، وهذا تصريح بما أشعر به ما قبلها ولذلك سمي تفسيرا . { كذلك } مثل ذلك الضرب . { يضرب الله للناس } يبين لهم . { أمثالهم } أحوال الفريقين أو أحوال الناس ، أو يضرب أمثالهم بأن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار والإضلال مثلا لخيبتهم واتباع الحق مثلا للمؤمنين ، وتكفير السيئات مثلا لفوزهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلنا بهذين الفريقين من إضلالنا أعمال الكافرين، وتكفيرنا عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، جزاء منا لكلّ فريق منهم على فعله. أما الكافرون فأضللنا أعمالهم، وجعلناها على غير استقامة وهدى، بأنهم اتبعوا الشيطان فأطاعوه، وهو الباطل... وأما المؤمنون فكفّرنا عنهم سيئاتهم، وأصلحنا لهم حالهم بأنهم اتبعوا الحقّ الذي جاءهم من ربهم، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وما جاءهم به من عند ربه من النور والبرهان. "كَذَلكَ يَضْرِبُ اللّهُ للنّاسِ أمْثالَهُمْ "يقول عزّ وجلّ: كما بينت لكم أيها الناس فعلي بفريق الكفر والإيمان، كذلك نمثل للناس الأمثال، ونشبه لهم الأشباه، فنلحق بكلّ قوم من الأمثال أشكالاً.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} أي مثل الذي بيّن ما لهؤلاء وما لهؤلاء؛ يبيّن ما لكل متّبع الحق ومتّبع الباطل. وضرب المثل هو أن يبين لهم ما خفي، واشتبه عليهم، بالذي ظهر عندهم، وتقرّر، وتجلّى لهم، ليصير الذي خفي عليهم، واشتبه، ظاهرا مُتجلّيا...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(كذلك يضرب الله للناس أمثالهم) أي هؤلاء الذين حكمنا بهلاكهم وضلالهم بمنزلة من دعاه الباطل فاتبعه، والمؤمن بمنزلة من دعاه الحق من الله فاتبعه، ويكون التقدير يضرب الله للناس صفات أعمالهم بأن بينها وبين ما يستحق عليها من ثواب وعقاب...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}. أي يضرب أمثالَ هؤلاء لحسناتهم، وأمثال هؤلاء لسيئاتهم. ويكون اتباعُ الحقِّ بموافقة السُّنَّةِ، ورعاية حقوق الله، وإيثار رضاه، والقيام بطاعته. ويكون اتباعُ الباطلِ بالابتداع، والعملِ بالهوى، وإيثارِ الحظوظ، وارتكابِ المعصية...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: أين ضرب الأمثال؟ قلت: في أن جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكفار، واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين. أو في أن جعل الإضلال مثلاً لخيبة الكفار، وتكفير السيئات مثلاً لفوز المؤمنين...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

في الباطل وجوه؛

(الأول) ما لا يجوز وجوده، وذلك لأنهم اتبعوا إلها غير الله، وإله غير الله محال الوجود، وهو الباطل وغاية الباطل، لأن الباطل هو المعدوم، يقال بطل كذا، أي عدم، والمعدوم الذي لا يجوز وجوده ولا يمكن أن يوجد، ولا يجوز أن يصير حقا موجودا، فهو في غاية البطلان، فعلى هذا فالحق هو الذي لا يمكن عدمه وهو الله تعالى، وذلك لأن الحق هو الموجود، يقال تحقق الأمر، أي وجد وثبت، والموجود الذي لا يجوز عدمه هو في غاية الثبوت.

(الثاني) الباطل الشيطان بدليل قوله تعالى: {لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} فبين أن الشيطان متبوع وأتباعه هم الكفار والفجار، وعلى هذا فالحق هو الله، لأنه تعالى جعل في مقابلة حزب الشيطان حزب الله...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ذلك} أي الأمر العظيم الذي ذكر هنا من جزاء الطائفتين {بأن} أي بسبب أن {الذين كفروا} أي ستروا مرائي عقولهم {اتبعوا} أي بغاية جهدهم ومعالجتهم لما قادتهم إليه فطرهم الأولى {الباطل} من العمل الذي لا حقيقة له- في الخارج يطابقه، وذلك هو الابتداع والميل مع الهوى إيثاراً للحظوظ فضلوا {وأن الذين آمنوا} أي ولو كانوا في أقل درجات الإيمان {اتبعوا} أي بغاية جهدهم متابعين لما تدعو إليه الفطرة الأولى مخالفين لنوازع الشهوات ودواعي الحظوظ على كثرتها وقوتها {الحق} أي الذي له واقع يطابقه وذلك هو الحكمة و هي العمل بموافقة العلم وهو معرفة المعلوم على ما هو- عليه {من ربهم} الذي أحسن إليهم بإيجادهم وما سببه من حسن اعتقادهم فاهتدوا...

. {كذلك} أي مثل هذا الضرب العظيم الشأن {يضرب الله} أي- الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال {للناس} أي كل من فيه قوة الاضطراب والحركة {أمثالهم} أي أمثال أنفسهم وأمثال الفريقين المتقدمين أو أمثال جميع الأشياء التي يحتاجون إلى بيان أمثالها مبيناً لها مثل هذا البيان ليأخذ كل واحد من ذلك جزاء حاله...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{اتبعوا الْحَقُّ} الذي هو الصدق واليقين، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم، الصادر {مِنْ رَبِّهِمْ} الذي رباهم بنعمته، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق فاتبعوه، فصلحت أمورهم، فلما كانت الغاية المقصودة لهم، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي الحق المبين، كانت الوسيلة صالحة باقية، باقيا ثوابها. {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة}...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم).. والباطل ليست له جذور ضاربة في كيان هذا الوجود؛ ومن ثم فهو ذاهب هالك؛ وكل من يتبعه وكل ما يصدر عنه ذاهب هالك كذلك. ولما كان الذين كفروا اتبعوا الباطل فقد ضلت أعمالهم، ولم يبق لهم منها شيء ذو غناء. والحق ثابت تقوم عليه السماوات والأرض، وتضرب جذوره في أعماق هذا الكون... (كذلك يضرب الله للناس أمثالهم). وكذلك يضع لهم القواعد التي يقيسون إليها أنفسهم وأعمالهم. فيعلمون المثل الذي ينتمون إليه ويقاسون عليه. ولا يحتارون في الوزن والقياس!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله لِلنَّاسِ أمثالهم}...

أي مثل ذلك التبيين للحالين يبين الله الأحوال للناس بياناً واضحاً. والمعنى: قد بيّنا لكل فريق من الكافرين والمؤمنين حاله تفصيلاً وإجمالاً، وما تفضي إليه من استحقاق المعاملة بحيث لم يبق خفاء في كنه الحالين، ومثل ذلك البيان يمثل الله للناس أحوالهم كيلا تلتبس عليهم الأسباب والمسببات. ومعنى {يضرب}: يلقي وهذا إلقاء تبيين بقرينة السياق، وتقدم عند قوله تعالى: {أن يضرب مثلاً} ما في سورة البقرة (26). والأمثال: جمع مثَل بالتحريك وهو الحال التي تمثل صاحبها، أي تشهره للناس وتعرفهم به فلا يلتبس بنظائره. واللام للأجل، والمراد بالناس جميع الناس. وضمير {أمثالهم} للناس. والمعنى: كهذا التبيين يبّين الله للناس أحوالهم فلا يبقوا في غفلة عن شؤون أنفسهم محجوبين عن تحقق كنههم بحِجَاب التعود لئلا يختلط الخبيث بالطيب، ولكي يكونوا على بصيرة في شؤونهم، وفي هذا إيماء إلى وجوب التوسم لتمييز المنافقين عن المسلمين حقاً، فإن من مقاصد السورة التحذير من المنافقين.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

هنا يكمن سرّ المسألة بأنّ خطّي الإيمان والكفر يتفرعان عن خطّي الحق والباطل، فالحق يعني الحقائق العينية، وأسماها ذات الله المقدّسة، وتليها الحقائق المتعلقة بحياة الإنسان، والقوانين الحاكمة في علاقته بالله تعالى، وفي علاقته بالآخرين. والباطل يعني الظنون، والأوهام، والمكائد والخدع، والأساطير والخرافات، والأفعال الجوفاء التي لا هدف من ورائها، وكلّ نوع من الانحراف عن القوانين الحاكمة في عالم الوجود...

نعم، إنّ المؤمنين يتبعون الحق وينصرونه، والكفار يتبعون الباطل ويؤازرونه، وهنا يكمن سرّ انتصار هؤلاء، وهزيمة أُولئك...

يقول الراغب في مفرداته: المثل عبارة عن قول يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة يبيّن أحدهما الآخر. ويستفاد من كلام آخر له أنّ هذه الكلمة تستعمل أحياناً بمعنى «المشابهة»، وأحياناً بمعنى «الوصف». والظاهر أنّ المراد في هذه الآية هو المعنى الثاني، أي إنّ الله سبحانه يصف حال الناس هكذا...

فالذي يستفاد من هذه الآية جيداً، أنّنا كلما اقتربنا من الحق اقتربنا من الإيمان، وسنكون أبعد عن حقيقة الإيمان وأقرب إلى الكفر بتلك النسبة التي تميل بها أعمالنا نحو الباطل، فإنّ أساسي الإيمان والكفر هما الحق والباطل...