تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا} (87)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا} (87)

وقوله : { إلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } استثناء واستدراك على قوله : { لَنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ . . } .

أى : والله إن شئنا إذهاب القرآن من صدرك لأذهبناه ، دون أن تجد أحدًا يرده عليك ، لكننا لم نشأ ذلك بل أبقيناه فى صدرك رحمة من ربك .

قال الجمل : وفى هذا الاستثناء قولان : أحدهما : أنه استثناء متصل : لأن الرحمة تندرج فى قوله { وكيلا } .

أى : إلا رحمة منا فإنها إن نالتك فلعلها تسترده عليك والثانى : أنه منقطع ، فيتقدر بلكن أو ببل ، و { من ربك } يجوز أن يتعلق بمحذوف صفة لرحمة - أى لكن رحمة ربك تركته غير مذهوب به .

وقوله { إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } بيان لما امتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم .

أى : إن فضله كان عليك كبيرًا ، حيث أنزل القرآن عليك ، وأبقاه فى صدرك دون أن يزيله منه ، وجعلك سيد ولد آدم ، وخاتم رسله ، وأعطاك المقام المحمود يوم القيامة .

قال صاحب الكشاف : " وهذا امتنان عظيم من الله - تعالى - ببقاء القرآن محفوظًا ، بعد المنة العظيمة فى تنزيله وتحفيظه . فعلى كل ذى علم أن لا يغفل عن هاتين المنتين والقيام بشكرهما . وهما منة الله عليه بحفظه العلم ، ورسوخه فى صدره ، ومنته عليه فى بقاء المحفوظ " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا} (87)

73

( إلا رحمة من ربك ، إن فضله ، كان عليك كبيرا ) . .

والله يمتن على رسوله [ ص ] بهذا الفضل . فضل إنزال الوحي ، واستبقاء ما أوحى به إليه ؛ المنة على الناس أكبر ، فهم بهذا القرآن في رحمة وهداية ونعمة ، أجيالا بعد أجيال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا} (87)

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا} (87)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فاستثنى عز وجل: {إلا رحمة من ربك}، يعني: القرآن كان رحمة من ربك اختصك بها،

{إن فضله كان عليك كبيرا}، يعني: عظيما حين اختصك بذلك...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول عزّ وجلّ:"ولئنْ شِئْنا لنذهبنّ" يا محمد "بالّذِي أوْحيْنَا إليْكَ "ولكنه لا يشاء ذلك، رحمة من ربك وتفضلاً منه عليك، "إنّ فضْلهُ كانَ عليكَ كبيرا" باصطفائه إياك لرسالته، وإنزاله عليك كتابه، وسائر نعمه عليك التي لا تحصى.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{إلا رحمة من ربك} أي إبقاء النبوة والوحي رحمة من ربك، وفَضْلُهُ أيضا في إبقاء، ذلك كبير...

وفي قوله: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} وجه آخر 3 من الحكمة، وهو أن يعلم المؤمنون أن الفضل كله من الله لئلا يردوا لأنفسهم في ذلك فضلا في ذلك ومعنى، وإليه يضيفون جميع ما يجري على أيديهم من أفعال الخير والطاعة، والله أعلم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك، كأن رحمته تتوكل عليه بالرد، أو يكون على الاستثناء المنقطع بمعنى: ولكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به، وهذا امتنان من الله تعالى ببقاء القرآن محفوظاً بعد المنة العظيمة في تنزيله وتحفيظه، فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن هاتين المنتين والقيام بشكرهما، وهما منة الله عليه بحفظ العلم ورسوخه في صدره، ومنته عليه في بقاء المحفوظ. وعن ابن مسعود: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة، وليصلين قوم ولا دين لهم، وإن هذا القرآن تصبحون يوماً وما فيكم منه شيء. فقال رجل: كيف ذلك وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا نعلمه أبناءنا ويعلمه أبناؤنا أبناءهم؟ فقال: يسري عليه ليلاً فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما في القلوب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

قال تعالى: {إلا} أي لكن تجد {رحمة} مبتدئة وكائنة {من ربك} أي المحسن إليك بأن أوجدك ورباك، ولم يقطع إحسانه قط عنك، يعيد بها إليك ويأتيك بما يقوم مقامه، وعبر عن أداة الانقطاع بأداة الاتصال إشارة إلى أن رحمته سبحانه له -التي اقتضتها صفة إحسانه إليه لعظمها- كالوكيل الذي يتصرف بالغبطة على كل حال. ولما كان في إنزاله إليه ثم إبقائه لديه من النعمة عليه وعلى أمته ما لا يحصى، نبه على ذلك بقوله تعالى مستأنفاً مؤكداً لأن كون الرحمة هكذا من أغرب الغريب، فهو بحيث لا يكاد يصدق، وهو مما يتلذذ بذكره {إن فضله كان} أي كوناً ثابتاً {عليك} أي خاصة {كبيراً} أي بالغ الكبر...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والله يمتن على رسوله [صلى الله علسه وسلم] بهذا الفضل. فضل إنزال الوحي، واستبقاء ما أوحى به إليه؛ المنة على الناس أكبر، فهم بهذا القرآن في رحمة وهداية ونعمة، أجيالا بعد أجيال...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وموقع {إن فضله كان عليك كبيراً} موقع التعليل للاستثناء المنقطع، أي لكن رحمة من ربك منعت تعلق المشيئة بإذهاب الذي أوحينا إليك، لأن فضله كان عليك كبيراً فلا يحرمك فضل الذي أوحاه إليك. وزيادة فعل (كان) لتوكيد الجملة زيادة على توكيدها بحرف التوكيد المستعمل في معنى التعليل والتفريع...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

(إِلاَّ رحمة مِن ربّك) وهذه الرحمة لأجل هدايتك وإِنقاذك، وكذلك لهداية وإِنقاذ العالم البشري، وهذه الرحمة في الواقع مُكمَّلة لرحمة الخلق... قوله تعالى: (إِنَّ فضله كان عليك كبيراً). إِنَّ وجود القابلية لهذا الفضل في قلبك الكبير بجهادك وعبادتك مِن جهة، وحاجة العباد إلى مثل قيادتك مِن جهة أُخرى، جعلا فضل الله عليك كبيراً للغاية فقد فتح الله أمامك أبواب العلم، وأنبأك بأسرار هداية الإِنسان، وعصمك مِن الخطأ، حتى تكون أسوة وقدرة لجميع الناس إلى نهاية هذا العالم... ومِن الواضح أنَّ هذا الاستثناء لا يعني أنَّ الله يحجب في يوم مِن الأيّام رحمته عن نبيّه (صلى الله عليه وسلم)، بل هو دليل على أنَّ الرّسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يملك شيئاً مِن عنده، فعلمه ووحيه السماوي هو مِن الله ومرتبط بمشيئته وإِرادته...