تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

{ 14 } { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا } أي : في حال الاجتماع { إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } أي : لا يثبتون لقتالكم{[1045]}  ولا يعزمون عليه ، إلا إذا كانوا متحصنين في القرى ، أو من وراء الجدر والأسوار .

فإنهم إذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع ، اعتمادا [ على ] حصونهم وجدرهم ، لا شجاعة بأنفسهم ، وهذا من أعظم الذم ، { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : بأسهم فيما بينهم شديد ، لا آفة في أبدانهم ولا في قوتهم ، وإنما الآفة في ضعف إيمانهم وعدم اجتماع كلمتهم ، ولهذا قال : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا } حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين .

{ و } لكن { قلوبهم شَتَّى } أي : متباغضة متفرقة متشتتة .

{ ذَلِكَ } الذي أوجب لهم اتصافهم بما ذكر { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ } أي : لا عقل عندهم ، ولا لب ، فإنهم لو كانت لهم عقول ، لآثروا الفاضل على المفضول ، ولما رضوا لأنفسهم بأبخس الخطتين ، ولكانت كلمتهم مجتمعة ، وقلوبهم مؤتلفة ، فبذلك يتناصرون ويتعاضدون ، ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم الدينية والدنيوية .

مثل هؤلاء المخذولين من أهل الكتاب ، الذين انتصر الله لرسوله منهم ، وأذاقهم الخزي في الحياة الدنيا .


[1045]:- في ب: على قتالكم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

ثم يقرر - سبحانه - حقيقة أخرى ، أيدتها التجارب والمشاهد الواقعية ، فقال - تعالى - : { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى . . . } .

والآية الكريمة بدل اشتمال من التى قبلها ، لأن شدة الخوف من المؤمنين جعلت اليهود وحلفاءهم ، لا يقاتلون المسلمين ، إلا من رواء الخنادق والحصون .

والجدر : جمع جدار ، وهو بناء مرتفع يحتمى به من يقاتل من خلفه . و { جَمِيعاً } بمعنى مجتمعين كلهم . . ، أي : أن هؤلاء اليهود وحلفاءهم من المنافقين ، لا يقاتلونكم مجتمعين كلهم فى موطن من المواطن إلا فى قرى محصنة بالخنادق وغيرها ، أو يقاتلونكم من وراء الجدران التى يتسترون بها ، لأنهم يعجزون عن مبارزتكم ، وعن مواجهتكم وجها لوجه ، لفرط رهبتهم منكم . .

قال ابن كثير : يعنى أنهم فى جبنهم وهلعهم ، لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام ، بالمبارزة والمقاتلة ، بل إما فى حصون ، أو من وراء جدر محاصرين ، فيقاتلونكم للدفع عنهم ضرورة .

وقوله - تعالى - : { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } جملة مستأنفة ، كأن قائلا قال : ولماذا لا يقاتلون المؤمنين إلا على هذه الصورة ؟ فكان الجواب : بأسهم بينهم شديد . أى : عداوتهم فيما بينهم عداوة شديدة ، بحيث لا يتفقون على رأى ، وقوتهم يستعملونها فيما بينهم استعمالا واسعا ، فإذا ما التقوا بكم تحولت هذه القوة إلى جبن وهلع .

قال صاحب الكشاف : يعنى أن البأس الشديد الذى يوصفون به ، إنما هو فيما بينهم إذا اقتتلوا ، ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدة ، لأن الشجاع يجبن والعزيز يذل ، عند محاربة الله ورسوله .

وقوله - تعالى - : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى } استئناف آخر للإجابة عما يقال : من أنه كيف تكون عداوتهم فيما بينهم شديدة ، ونحن نراهم متفقين ؟ .

فكان الجواب : ليس الأمر كما يظهر من حالهم من أن بينهم تضامنا وترابطا . . . بل الحق أنهم متدابرون مختلفون متباغضون . . . وإن كانت ظواهرهم تدل على خلاف ذلك .

أي : تحسبهم أيها الناظر إليهم مؤتلفين . . . والحال أن قلوبهم متفرقة ، ومنازعهم مختلفة وبواطنه تباين ظواهرهم . . . وما دام الأمر كذلك فلا تبالوا بهم - أيها المؤمنون - ، بل أغلظوا عليهم ، وجاهدوهم بكل قوة وجسارة .

واسم الإشارة فى قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } يعود إلى ما سبق ذكره ، من شدة عداوتهم فيما بينهم ، ومن مخالفة بواطنهم لظواهرهم .

أى : ذلك الذى ذكرناه لكم من شدة بأسهم فيما بينهم ، ومن مخالفة بواطنهم لظواهرهم ، سببه أنهم قوم لا يعقلون الحق والهدى والرشاد . . . وإنما هم ينساقون وراء أهوائهم بدافع من الأحقاد والمطامع والشهوات ، بدون إدراك لعواقب الأمور ، أو للفهم الصحيح . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر . بأسهم بينهم شديد . تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى . ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) .

وما تزال الأيام تكشف حقيقة الإعجاز في " تشخيص " حالة المنافقين وأهل الكتاب حيثما التقى المؤمنون بهم في أي زمان وفي أي مكان . بشكل واضح للعيان . ولقد شهدت الاشتباكات الأخيرة في الأرض المقدسة بين المؤمنين الفدائيين وبين اليهود مصداق هذا الخبر بصورة عجيبة . فما كانوا يقاتلونهم إلا في المستعمرات المحصنة في أرض فلسطين . فإذا انكشفوا لحظة واحدة ولوا الأدبار كالجرذان . حتى لكأن هذه الآية نزلت فيهم ابتداء . وسبحان العليم الخبير !

وتبقى الملامح النفسية الأخرى ( بأسهم بينهم شديد ) . . ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )على خلاف المؤمنين الذين تتضامن أجيالهم ، وتجمعهم آصرة الإيمان من وراء فواصل الزمان والمكان ، والجنس والوطن والعشيرة . . ( ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) . .

والمظاهر قد تخدع فنرى تضامن الذين كفروا من أهل الكتاب فيما بينهم ، ونرى عصبيتهم بعضهم لبعض ، كما نرى تجمع المنافقين أحيانا في معسكر واحد . ولكن الخبر الصادق من السماء يأتينا بأنهم ليسوا كذلك في حقيقتهم ؛ إنما هو مظهر خارجي خادع . وبين الحين والحين ينكشف هذا الستار الخداع . فيبدو من ورائه صدق الخبر في دنيا الواقع المنظور ، وينكشف الحال عن نزاع في داخل المعسكر الواحد ، قائم على اختلاف المصالح وتفرق الأهواء ، وتصادم الاتجاهات . وما صدق المؤمنون مرة ، وتجمعت قلوبهم على الله حقا إلا وانكشف المعسكر الآخر أمامهم عن هذه الاختلافات وهذا التضارب وهذا الرياء الذي لا يمثل حقيقة الحال . وما صبر المؤمنون وثبتوا إلا وشهدوا مظهر التماسك بين أهل الباطل يتفسخ وينهار ، وينكشف عن الخلاف الحاد والشقاق والكيد والدس في القلوب الشتيتة المتفرقة !

إنما ينال المنافقون والذين كفروا من أهل الكتاب . . من المسلمين . . عندما تتفرق قلوب المسلمين ، فلا يعودون يمثلون حقيقة المؤمنين التي عرضتها الآية في المقطع السابق في هذه السورة . فأما في غير هذه الحالة فالمنافقون أضعف وأعجز ، وهم والذين كفروا من أهل الكتاب متفرقو الأهواء والمصالح والقلوب ( بأسهم بينهم شديد ) . . ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) . .

والقرآن يقر هذه الحقيقة في قلوب المؤمنين ، ليهون فيها من شأن أعدائهم ؛ ويرفع منها هيبة هؤلاء الأعداء ورهبتهم . فهو إيحاء قائم على حقيقة ؛ وتعبئة روحية ترتكن إلى حق ثابت . ومتى أخذ المسلمون قرآنهم مأخذ الجد هان عليهم أمر عدوهم وعدو الله ، وتجمعت قلوبهم في الصف الواحد ، فلم تقف لهم قوة في الحياة .

والمؤمنون بالله ينبغي لهم أن يدركوا حقيقة حالهم وحال أعدائهم . فهذا نصف المعركة . والقرآن يطلعهم على هذه الحقيقة في سياق وصفه لحادث وقع ، وفي سياق التعقيب عليه ، وشرح ما وراءه من حقائق ودلائل ، شرحا يفيد منه الذين شهدوا ذلك الحادث بعينه ، ويتدبره كل من جاء بعدهم ، وأراد أن يعرف الحقيقة من العالم بالحقيقة !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

ثم قال :{ لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ }{[28599]} يعني :أنهم من جُبنهم وهَلَعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة{[28600]} بل إما في حصون أو من وراء جدر{[28601]} محاصرين ، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة .

ثم قال { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : عداوتهم [ فيما ] {[28602]} بينهم شديدة ، كما قال : { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [ الأنعام : 65 ] ؛ ولهذا قال : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } أي : تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين ، وهم مختلفون غاية الاختلاف .

قال : إبراهيم النخعي : يعني : أهل الكتاب والمنافقين { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ } .


[28599]:- (3) في م، أ: "أو من وراء جدار".
[28600]:- (4) في م: "والمقاتلة".
[28601]:- (5) في م، أ: "أو من وراء جدار".
[28602]:- (1) زيادة من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

وقوله : { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعا إلاّ فِي قُرًى مُحَصّنَةٍ } يقول جلّ ثناؤه : لا يقاتلكم هؤلاء اليهود بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون ، لا يبرزون لكم بالبراز ، { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } يقول : أو من خلف حيطان .

واختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والمدينة { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر } على الجماع بمعنى الحيطان . وقرأه بعض قرّاء مكة والبصرة : «مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ » على التوحيد بمعنى الحائط .

والصواب من القول عندي في ذلك أنهما قراءاتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

وقوله : { بأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ }يقول جلّ ثناؤه : عداوة بعض هؤلاء الكفار من اليهود بعضا شديدة تَحْسَبُهُمْ جَمِيعا يعني المنافقين وأهل الكتاب ، يقول : تظنهم مؤتلفين مجتمعة كلمتهم ، { وَقُلُوبُهُمْ شَتّى } يقول : وقلوبهم مختلفة لمعاداة بعضهم بعضا .

وقوله : { ذَلِكَ بأنّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ }يقول جلّ ثناؤه : هذا الذي وصفت لكم من أمر هؤلاء اليهود والمنافقين ، وذلك تشتيت أهوائهم ، ومعاداة بعضهم بعضا من أجل أنهم قوم لا يعقلون ما فيه الحظّ لهم مما فيه عليهم البخس والنقص . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعا إلاّ فِي قُرًى مُحَصّنَةٍ أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعا وَقُلُوبُهُمْ شَتّى ذَلكَ بأنّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ } قال : تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم ، مختلفة أعمالهم ، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحقّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعا وَقُلُوبُهُمْ شَتّى }قال : المنافقون يخالف دينهم دين النضير .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد تَحْسَبُهُمْ جَمِيعا وَقُلُوبُهُمْ شَتّى قال : هم المنافقون وأهل الكتاب .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، مثل ذلك .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعا وَقُلُوبُهُمْ شَتّى }قال : المشركون وأهل الكتاب .

وذُكر أنها في قراءة عبد الله : { وَقُلُوبُهُمْ أشَتّ } بمعنى : أشدّ تشتتا : أي أشدّ اختلافا .