تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ} (92)

ولما ذكر الأنبياء عليهم السلام ، قال مخاطبا للناس : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي : هؤلاء الرسل المذكورون هم أمتكم وائمتكم الذين بهم تأتمون ، وبهديهم تقتدون ، كلهم على دين واحد ، وصراط واحد ، والرب أيضا واحد .

ولهذا قال : { وَأَنَا رَبُّكُمْ } الذي خلقتكم ، وربيتكم بنعمتي ، في الدين والدنيا ، فإذا كان الرب واحدا ، والنبي واحدا ، والدين واحدا ، وهو عبادة الله ، وحده لا شريك له ، بجميع أنواع العبادة كان وظيفتكم والواجب عليكم ، القيام بها ، ولهذا قال : { فَاعْبُدُونِ } فرتب العبادة على ما سبق بالفاء ، ترتيب المسبب على سببه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ} (92)

وبعد هذا الحديث المتنوع عن قصص عدد كبير من الأنبياء فى سورة الأنبياء ، عقب - سبحانه - على ذلك ببيان أنهم - عليهم السلام - قد جاءوا بعقيدة واحدة ، هى إخلاص العبادة لله - تعالى - فقال : { إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ . . . } .

لفظ الأمة يطلق بإطلاق متعددة . يطلق على الجماعة كما فى قوله - تعالى - { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ الناس يَسْقُونَ . . } ويطلق على الرجل الجامع للخير ، كما فى قوله - تعالى - : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً . . . } ويطلق على الحين والزمان ، كما فى قوله - سبحانه - : { وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ . . } أى وتذكر بعد حين من الزمان .

والمراد بالأمة هنا : الدين والملّة . كما فى قوله - تعالى - : { إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ . . . } أى : على دين وملة معينة .

والمعنى : إن ملة التوحيد التى جاء بها الأنبياء جميعا . هى ملتكم ودينكم أيها الناس ، فيجب عليكم أن تتبعوا هؤلاء الأنبياء ، وأن تخلصوا لله - تعالى - العبادة والطاعة ، فهو - سبحانه - ربكم ورب كل شىء ، فاعبدوه حق العبادة لتنالوا رضاه ومحبته .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ} (92)

48

وفي نهاية الاستعراض الذي شمل نماذج من الرسل ، ونماذج من الابتلاء ، ونماذج من رحمة الله - يعقب بالغرض الشامل من هذا الاستعراض :

( إن هذه أمتكم أمة واحدة ، وأنا ربكم فاعبدون ) . .

إن هذه أمتكم . أمة الأنبياء . أمة واحدة . تدين بعقيدة واحدة . وتنهج نهجا واحدا . هو الاتجاه إلى الله دون سواه .

أمة واحدة في الأرض ، ورب واحد في السماء . لا إله غيره ولا معبود إلا إياه .

أمة واحدة وفق سنة واحدة ، تشهد بالإرادة الواحدة في الأرض والسماء .

وهنا يلتقي هذا الاستعراض بالمحور الذي تدور عليه السورة كلها ؛ وتشترك في تقرير عقيدة التوحيد ، تشهد بها مع سنن الكون وناموس الوجود . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ} (92)

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جُبَيْر ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : { إِنَّ{[19851]} هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول : دينكم دين واحد .

وقال الحسن البصري ؛ في{[19852]} هذه الآية : بين لهم ما يتقون وما يأتون ثم قال : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي : سنتكم سنة واحدة . فقوله : { إِنَّ هَذِهِ } إنّ واسمها ، و { أُمَّتُكُمْ } خبر إن ، أي : هذه شريعتكم التي بينت لكم ووضحت لكم ، وقوله : { أُمَّةً وَاحِدَةً } نصب{[19853]} على الحال ؛ ولهذا قال : { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } ، كَمَا قَالَ : { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } [ المؤمنون : 51 ، 52 ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن معشر الأنبياء أولاد عَلات ديننا واحد " ، يعني : أن المقصود هو عبادة الله وحده لا شريك له بشرائع متنوعة لرسله ، كما قال تعالى : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } [ المائدة : 48 ] .


[19851]:- في ت ، ف : "وإن".
[19852]:- في ت : "من".
[19853]:- في ت : "نصيب".