{ 98 } { إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا }
أي : لا معبود إلا وجهه الكريم ، فلا يؤله ، ولا يحب ، ولا يرجى ولا يخاف ، ولا يدعى إلا هو ، لأنه الكامل الذي له الأسماء الحسنى ، والصفات العلى ، المحيط علمه بجميع الأشياء ، الذي ما من نعمة بالعباد إلا منه ، ولا يدفع السوء إلا هو ، فلا إله إلا هو ، ولا معبود سواه .
وقوله - تعالى - : { إِنَّمَآ إلهكم الله الذي لا إله إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } . استئناف مسوق لإحقاق الحق وإبطال الباطل : أى : إنما المستحق للعبادة والتعظيم هو الله - تعالى - وحده ، الذى وسع علمه كل شىء .
ولا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء .
وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد قصت علينا بأسلوب بليغ حكيم ، جوانب من رعاية الله - تعالى - لنبيه موسى - عليه السلام - ورحمته به ، كما قصت علينا تلك المحاورات التى تمت بين موسى وفرعون ، وبين موسى والسحرة كما حدثتنا عن جانب من النعم التى أنعم الله - تعالى - بها على بنى إسرائيل ، وكيف أنهم قابلوها بالجحود والكنود وبإيذاء نبيهم موسى - عليه السلام - .
وعلى مشهد الإله المزيف يحرق وينسف ، يعلن موسى - عليه السلام - حقيقة العقيدة .
( إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو . وسع كل شيء علما ) .
وينتهي بهذا الإعلان هذا القدر من قصة موسى في هذه السورة . تتجلى فيه رحمة الله ورعايته بحملة دعوته وعباده . حتى عندما يبتلون فيخطئون . ولا يزيد السياق شيئا من مراحل القصة بعد هذا ، لأنه بعد ذلك يقع العذاب على بني إسرائيل بما يرتكبون من آثام وفساد وطغيان . وجو السورة هو جو الرحمة والرعاية بالمختارين . فلا حاجة إلى عرض مشاهد أخرى من القصة في هذا الجو الظليل .
وقوله : " إنّمَا إلهُكُمُ اللّهُ الّذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ " يقول : ما لكم أيها القوم معبود ، إلا الذي له عبادة جميع الخلق لا تصلح العبادة لغيره ، ولا تَنبغي أن تكون إلا له . " وَسِعَ كُلّ شَيْءٍ عِلْما " يقول : أحاط بكل شيء علما فعلمه ، فلا يخفى عليه منه شيء ولا يضيق عليه علم جميع ذلك . يقال منه : فلان يسع لهذا الأمر : إذا أطاقه وقوى عليه ، ولا يسع له : إذا عجز عنه فلم يطقه ولم يقو عليه . وكان قتادة يقول في ذلك ما :
حدثنا بِشر قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : " وَسِعَ كُلّ شَيْءٍ عِلْما " يقول : ملأ كلّ شيء علما تبارك وتعالى .
هذه مخاطبة من موسى عليه السلام لجميع بني إسرائيل مبيناً لهم ، وقوله تعالى : { وسع كل شيء علماً } بمعنى وسع علمه كل شيء . و { علماً } تمييز ، وهذا كقوله : تفقأت شحماً وتصببت عرقاً ، والمصدر في الأصل فاعل ولكن يسند الفعل إلى غيره وينصب هو على التمييز ، وقرأ مجاهد وقتادة «وسَّع كل شيء » بفتح السين وشدها بمعنى خلق الأشياء وكثرها بالاختراع فوسعها موجودات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.