إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّمَآ إِلَٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَسِعَ كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمٗا} (98)

{ إِنَّمَا إلهكم الله } استئناف مَسوقٌ لتحقيق الحقِّ إثرَ إبطالِ الباطل بتلوين الخطابِ وتوجيهِه إلى الكل ، أي إنما معبودُكم المستحقُّ للعبادة الله { الذي لا إله } في الوجود لشيء من الأشياء { إِلاَّ هُوَ } وحده من غير أن يشاركَه شيءٌ من الأشياء بوجه من الوجوه التي من جملتها أحكامُ الألوهية ، وقرئ الله لا إله إلا هو الرحمن ربُّ العرش وقوله تعالى : { وَسِعَ كُلَّ شَيء عِلْماً } أي وسع علمُه كلَّ ما من شأنه أن يُعلم بدلٌ من الصلة ، كأنه قيل : إنما إلهكم الله الذي وسع كلَّ شيءٍ علماً لا غيرُه كائناً ما كان فيدخل فيه العِجْلُ دخولاً أولياً ، وقرئ وسّع بالتشديد فيكون انتصابُ عِلْماً على المفعولية لأنه على القراءة الأولى فاعلٌ حقيقةً ، وبنقل الفعل إلى التعدية إلى المفعولين صار الفاعل مفعولاً أولاً ، كأنه قيل : وسِع علمُه كلَّ شيء وبه تم حديثُ موسى عليه السلام المذكورُ لتقرير أمر التوحيدِ حسبما نطقت به خاتمتُه .