الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّمَآ إِلَٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَسِعَ كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمٗا} (98)

قوله : { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } : العامَّةُ على كسر السين خفيفةً . و " عِلْماً " على هذه القراءةِ تمييزٌ منقولٌ من الفاعلِ ؛ إذِ الأصلُ : وَسِعٍ كلَّ شيءٍ عِلْمُه . وقرأ مجاهد وقتادة بفتح السين مشددةً . وفي انتصاب " علماً " حينئذ [ وجهان ] ، أحدهما : أنه مفعولٌ به . قال الزمخشري : " وَجْهُه أنَّ وَسِع متعدٍّ إلى مفعولٍ واحد . وأمَّا " عِلْماً " فانتصابُه على التمييز فاعلاً في المعنى . فلما ثُقِّل نُقِل إلى التعديةِ إلى مفعولَيْنِ فنصبُهما معاً على المفعولية ؛ لأن المُميِّز فاعلٌ في المعنى ، كما تقول في " خاف زيد عمراً " : " خَوَّفْت زيداً عمراً " فتردُّ بالنقل ما كان فاعلاً مفعولاً " . وقال أبو البقاء : " والمعنى : أعطى كل شيء عِلْماً " فضمَّنه معنى أعطى . وما قاله الزمخشريُّ أَوْلى .

والوجه الثاني : أنه تمييزٌ أيضاً كما هو في قراءةِ التخفيفِ . قال أبو البقاء : " وفيه وجهٌ آخرُ :/ وهو أن يكونَ بمعنى : عَظَّم خَلْقَ كلِ شيءٍ كالأرض والسماء ، وهو بمعنى بَسَط ، فيكون عِلْماً تمييزاً " . وقال ابن عطية : " وسَّع خَلْقَ الأشياءِ وكَثَّرها بالاختراع " .