تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (160)

{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا } أي رجعوا عما هم عليه من الذنوب ، ندما وإقلاعا ، وعزما على عدم المعاودة { وَأَصْلَحُوا } ما فسد من أعمالهم ، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن .

ولا يكفي ذلك في الكاتم أيضا ، حتى يبين ما كتمه ، ويبدي ضد ما أخفى ، فهذا يتوب الله عليه ، لأن توبة الله غير محجوب عنها ، فمن أتى بسبب التوبة ، تاب الله عليه ، لأنه { التَّوَّابُ } أي : الرجاع على عباده بالعفو والصفح ، بعد الذنب إذا تابوا ، وبالإحسان والنعم بعد المنع ، إذا رجعوا ، { الرَّحِيمُ } الذي اتصف بالرحمة العظيمة ، التي وسعت كل شيء ومن رحمته أن وفقهم للتوبة والإنابة فتابوا وأنابوا ، ثم رحمهم بأن قبل ذلك منهم ، لطفا وكرما ، هذا حكم التائب من الذنب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (160)

وبعد هذا الوعيد الشديد لأولئك الكاتمين لما أمر الله بإظهاره ، أورد القرآن في أعقاب ذلك آية تفتح لهم نافذة الأمل ، وتبين لهم أنهم إذا تابوا وأنابوا قبل الله توبتهم ورحمهم ، فقال - تعالى - : { إِلاَّ الذين تَابُواْ } أي : رجعوا عن الكتمان وعن سائر ما يجب أن يتاب عنه ، وندموا على ما صدر عنهم { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسده بالكتمان بكل وسيلة ممكنة { وَبَيَّنُواْ } للناس حقيقة ما كتموه { فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } أي : أقبل توبتهم ، وأفيض عليهم من رحمتي ومغفرتي ، { وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } أي : المبالغ في قبول التوبة ونشر الرحمة .

فالآية الكريمة قد فتحت للكاتمين لما يجب إظهاره باب التوبة وأمرتهم بولوجه ، وأفهمتهم أنهم إذا فعلوا ما ينبغي وتركوا ما لا ينبغي وأخلصوا لله نياتهم ، فإنه - سبحانه - يقبل توبتهم ، ويغسل حويتهم ، أما إذا استمروا في ضلالهم وكفرهم ، ومضوا في هذا الطريق المظلم حتى النهاية بدون أن يحدثوا توبة ، فقد بين القرآن مصيرهم بعد ذلك فقال : { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (160)

158

( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا . فأولئك أتوب عليهم ، وأنا التواب الرحيم ) . .

هؤلاء يفتح القرآن لهم هذه النافذة المضيئة - نافذة التوبة - يفتحها فتنسم نسمة الأمل في الصدور ، وتقود القلوب إلى مصدر النور ، فلا تيئس من رحمة الله ، ولا تقنط من عفوه . فمن شاء فليرجع إلى الحمى الآمن ، صادق النية . وآية صدق التوبة الاصلاح في العمل ، والتبيين في القول ، وإعلان الحق والاعتراف به والعمل بمقتضاه . ثم ليثق برحمة الله وقبوله للتوبة ، وهو يقول : ( وأنا التواب الرحيم )وهو أصدق القائلين .