تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

{ 48 - 50 } { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام نعمته أنه { يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا } من الأرض ، { فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ } أي : يمده ويوسعه { كَيْفَ يَشَاءُ } أي : على أي حالة أرادها من ذلك ثم { يَجْعَلُهُ } أي : ذلك السحاب الواسع { كِسَفًا } أي : سحابا ثخينا قد طبق بعضه فوق بعض .

{ فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ } أي : السحاب نقطا صغارا متفرقة ، لا تنزل جميعا فتفسد ما أتت عليه .

{ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ } بذلك المطر { مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يبشر بعضهم بعضا بنزوله وذلك لشدة حاجتهم وضرورتهم إليه فلهذا قال : { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

ثم تعود السورة مرة أخرى إلى الحديث عن الرياح وما يترتب عليها من منافع فتقول : { الله الذي يُرْسِلُ الرياح } بقدرته ومشيئته .

{ فَتُثِيرُ سَحَاباً } أى : هذه الرياح يرسلها الله - تعالى - تتحرك فى الجو وفق إرادته - سبحانه - وتحرك السحاب وتنشره من مكان إلى آخر .

{ فَيَبْسُطُهُ فِي السمآء كَيْفَ يَشَآءُ } : أى فيبسط الله - تعالى - هذا السحاب فى طبقات الجو ، بالكيفية التى يختارها - سبحانه - ويريدها ، بأن يجعله تارة متكاثفاً ، وتارة متناثراً ، وتارة من جهة الشمال ، وتارة من جهات غيرها .

{ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } أى : ويجعله قطعا بعضها فوقبعض تارة أخرى . والكسف : جمع كسفه ، وهى القطعة من السحاب .

{ فَتَرَى الودق } أى : المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } أى يخرج من خلافه أى يخرج ويتساقط من خلال هذا السحاب ، ومن بين ذراته . { فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ } ، أى : بهذا المطر { مَن يَشَآءُ } إصابته به { مِنْ عِبَادِهِ } بأن ينزله على أراضيهم وعلى بلادهم { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أى : يفرحون بذلك ، لأنه يكون سبباً فى حياتهم وحياة دوابهم وزروعهم . .

وأعرف الناس بنعمة المطر ، أولئك الذين يعيشون فى الأماكن البعيدة عن الأنهار . كأهل مكة ومن يشبهونهم ممن تقوم حياتهم على مياه الأمطار .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

33

بعد ذلك يمضي السياق يقرر أن الله هو الذي يرسل الرياح ، وينزل المطر ، ويحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك يحيي الموتى فيبعثون . . سنة واحدة ، وطريقة واحدة ، وحلقات في سلسلة الناموس الكبير :

( الله الذي يرسل الرياح ) . . وفق ناموسه في تكوين هذا الكون وتنظيمه وتصريفه . ( فتثير سحابا ) . بما تحمله من بخار الماء المتصاعد من كتلة الماء في الأرض . ( فيبسطه في السماء ) . . ويفرشه ويمده . ( ويجعله كسفا ) . . بتجميعه وتكثيفه وتراكمه بعضه فوق بعض ، أو يصطدم بعضه ببعض ، أو تنبعث شرارة كهربائية بين طبقة منه وطبقة ، أو كسفة منه وكسفة . ( فترى الودق يخرج من خلاله )وهو المطر يتساقط من خلال السحاب . ( فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ) . . ولا يعرف هذا الاستبشار على حقيقته كما يعرفه الذين يعيشون مباشرة على المطر . والعرب أعرف الناس بهذه الإشارة . وحياتهم كلها تقوم على ماء السماء ، وقد تضمنت ذكره أشعارهم وأخبارهم في لهفة وحب وإعزاز !