تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ} (21)

لما ذكر تعالى أنه آتى نبيه داود الفصل في الخطاب بين الناس ، وكان معروفا بذلك مقصودا ، ذكر تعالى نبأ خصمين اختصما عنده في قضية جعلهما اللّه فتنة لداود ، وموعظة لخلل ارتكبه ، فتاب اللّه عليه ، وغفر له ، وقيض له هذه القضية ، فقال لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ } فإنه نبأ عجيب { إِذْ تَسَوَّرُوا } على داود { الْمِحْرَابَ } أي : محل عبادته من غير إذن ولا استئذان ، ولم يدخلوا عليه مع باب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ} (21)

ثم ساق - سبحانه - ما يشهد لعبده داود بذلك فقال : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخصم إِذْ تَسَوَّرُواْ المحراب } . : والاستفهام للتعجيب والتشويق لما يقال بعده ، لكونه أمرا غريبا تتطلع إلى معرفته النفس .

والنبأ : الخبر الذى له أهمية فى النفوس . .

والخصم : أى المتخاصمين أو الخصماء . وهو فى الأصل مصدر خصمه أى : غلبه فى المخاصمة والمجادلة والمنازعة ، ولكونه فى الأصل صح إطلاقه على المفرد والمثنى والجمع ، والمذكر والمؤنث . . قالوا : وهو مأخوذ من تعلق كل واحد من المتنازعين بخُصُم الآخر .

أى : بجانبه . .

والظروف فى قوله : { إِذْ تَسَوَّرُواْ المحراب } متعلق بمحذوف . والنسور : اعتلاء السور ، والصعود فوقه ، إذ صيغة التفعل تفيد العلو والتصعد . كما يقال تسنم فلان الجمل ، إذ علا فوق سنامه .

والمحراب : المكان الذى كان يجلس فيه داود - عليه السلام - للتعبد وذكر الله - تعالى - .

والمعنى : وهل وصل إلى علمك - أيها الرسول الكريم - ذلك النبأ العجيب ، ألا وهو نبأ أولئك الخصوم ، الذين تسلقوا على داود غرفته ، وقت أن كان جالسا فيها لعبادة ربه ، دون إذن منه ، ودون علم منه بقدومهم . .

إن كان هذا النبأ العجيب لم يصل إلى علمك ، فها نحن نقصه عليك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَاُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوّرُواْ الْمِحْرَابَ } :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وهل أتاك يا محمد نبأ الخصم وقيل : إنه عُني بالخصم في هذا الموضع ملكان ، وخرج في لفظ الواحد ، لأنه مصدر مثل الزور والسفر ، لا يثنى ولا يجمع ومنه قول لبيد :

وَخَصْمٍ يَعُدّونَ الذّحُولَ كأنّهُمْ *** قُرُومٌ غَيَارَى كلّ أزْهَرَ مُصْعَب

وقوله : ( إذْ تَسَوّرُوا المِحْرَابَ ) : يقول : دخلوا عليه من غير باب المحراب والمحراب مقدّم كل مجلس وبيت وأشرفه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ} (21)

هذه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم واستفتحت بالاستفهام تعجيباً من القصة وتفخيماً لها ، لأن المعنى : هل أتاك هذا الأمر العجيب الذي هو عبرة ، فكأن هذا الاستفهام إنما هو تهيئة نفس المخاطب وإعدادها للتلقي . و { الخصم } جار مجرى عدل وزور ، يوصف به الواحد والاثنان والجميع ، ومنه قول لبيد : [ الطويل ]

وخصم يعدو الذخول كأنهم***قروم غيارى كل أزهر مصعب

وتحتمل هذه الآية أن يكون المتسور للمحراب اثنين فقط ، لأن نفس الخصومة إنما كانت بين اثنين ، فتجيء الضمائر في : { تسوروا } و : { دخلوا } و : { قالوا } على جهة التجوز ، والعبارة عن الاثنين بلفظ الجمع ، ويحتمل أنه جاء مع كل فرقة ، كالعاضدة والمؤنسة ، فيقع على جميعهم خصم ، وتجيء الضمائر حقيقة . و : { تسوروا } معناه : علوا سوره وهو جمع سورة ، وهي القطعة من البناء ، هذا كما تقول : تسنمت الحائط أو البعير ، إذا علوت على سنامه . و { المحراب } : الموضع الأرفع من القصر أو المسجد ، وهو مضوع التعبد ، والعامل في : { إذ } الأولى { نبأ } وقيل : { أتاك } . والعامل في : { إذ } الثانية { تسوروا } ، وقيل هي بدل من { إذ } الأولى .