تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

فتولى فرعون { بِرُكْنِهِ } أي : أعرض بجانبه عن الحق ، ولم يلتفت إليه ، وقدح فيه أعظم القدح فقالوا : { سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي : إن موسى ، لا يخلو ، إما أن يكون أتى به شعبذة{[860]}  ليس من الحق في شيء ، وإما أن يكون مجنونًا ، لا يؤخذ بما صدر منه ، لعدم عقله .

هذا ، وقد علموا ، خصوصًا فرعون ، أن موسى صادق ، كما قال تعالى : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ] } وقال موسى لفرعون : { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [ بَصَائِرَ } الآية ] ،


[860]:- في ب: إما أن يكون ما أتي به سحرًا وشعبذة.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

وقوله - سبحانه - : { فتولى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } بيان لموقف فرعون من موسى - عليه السلام - أى : أرسلنا موسى بآياتنا الدالة على صدقه إلى فرعون وملئه ، فما كان من فرعون إلا أن أعرض عن دعوة الحق ، وتعاظم على موسى بملكه وجنوده وقوته . . . وقال فى شأن موسى - عليه السلام - هو ساحر أو مجنون .

والركن جانب البدن . والمراد به هنا : جنوده الذين يركن إليهم ، وقوته التى اغتر بها .

قال الآلوسى : قوله : { فتولى بِرُكْنِهِ } أى : فأعرض عن الإيمان بموسى ، على أن ركنه جانب بدنه وعطفه ، والتولى به كناية عن الإعراض ، والباء للتعدية ، لأن معناه : ثنى عطفه .

وقال قتادة : تولى بقومه على أن الركن بمعنى القوم ، لأنه يركن إليهم ويتقوى بهم ، والباء للمصاحبة أو الملابسة . . . وقيل : تولى بقوته وسلطانه . فالركن يستعار للقوة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

وقوله : فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ يقول : فأدبر فرعون كما أرسلنا إليه موسى بقومه من جنده وأصحابه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَتَوَلّى بِرُكُنِهِ يقول لقومه ، أو بقومه ، أنا أشكّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فَتَوَلّى بِرُكْنهِ قال : بعضده وأصحابه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : فَتَوَلّي بِرُكْنِهِ غلب عدوّ الله على قومه .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله تبارك وتعالى فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ قال : بجموعه التي معه ، وقرأ لَوْ أنّ لي بِكُمْ قُوّةً أوْ آوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ قال : إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به قال : وفرعون وجنوده ومن معه ركنه قال : وما كان مع لوط مؤمن واحد قال : وعرض عليهم أن يُنكحهم بناته رجاء أن يكون له منهم عضد يعينه ، أو يدفع عنه ، وقرأ هَؤُلاءِ بَناتي هُنّ أطْهَرُ لَكُمْ قال : يريد النكاح ، فأبوا عليه ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى : لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقَ وَإنّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ أصل الركن : الجانب والناحية التي يعتمد عليها ويقوَى بها .

وقوله : وَقالَ ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ يقول : وقال لموسى : هو ساحر يسحر عيون الناس ، أو مجنون ، به جِنّة . وكان معمر بن المثنى يقول : أو في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة ، لأنهم قد قالوهما جميعا له ، وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي :

أَثَعْلَبَةَ الفَوَارِسَ أوْ رِياحا *** عَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيّةَ والخِشابا

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

{ فتولى بركنه } فأعرض عن الإيمان به كقوله { ونأى بجانبه } أو فتولى بما كان يتقوى به من جنوده ، وهو اسم لما يركن إليه الشيء ويتقوى به . وقرئ بضم الكاف . { وقال ساحر } أي هو ساحر . { أو مجنون } كأنه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوبا إلى الجن ، وتردد في أنه حصل ذلك باختياره وسعيه أو بغيرهما .