تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (56)

فرد عليهم إبراهيم ردا بين به وجه سفههم ، وقلة عقولهم فقال : { بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ْ } فجمع لهم بين الدليل العقلي ، والدليل السمعي .

أما الدليل العقلي ، فإنه قد علم كل أحد حتى هؤلاء الذين جادلهم إبراهيم ، أن الله وحده ، الخالق لجميع المخلوقات ، من بني آدم ، والملائكة ، والجن ، والبهائم ، والسماوات ، والأرض ، المدبر لهن ، بجميع أنواع التدبير ، فيكون كل مخلوق مفطورا مدبرا متصرفا فيه ، ودخل في ذلك ، جميع ما عبد من دون الله .

أفيليق عند من له أدنى مسكة من عقل وتمييز ، أن يعبد مخلوقا متصرفا فيه ، لا يملك نفعا ، ولا ضرا ، ولا موتا ، ولا حياة ، ولا نشورا ، ويدع عبادة الخالق الرازق المدبر ؟

أما الدليل السمعي : فهو المنقول عن الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فإن ما جاءوا به معصوم لا يغلط ولا يخبر بغير الحق ، ومن أنواع هذا القسم شهادة أحد من الرسل على ذلك فلهذا قال إبراهيم : { وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ ْ } أي : أن الله وحده المعبود وأن عبادة ما سواه باطل { مِنَ الشَّاهِدِينَ ْ } وأي شهادة بعد شهادة الله أعلى من شهادة الرسل ؟ خصوصا أولي العزم منهم خصوصا خليل الرحمن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (56)

وقد رد عليهم إبراهيم - عليه السلام - ردا حاسما يدل على قوة يقينه فقال : " بل ربكم رب السموات والأرض الذى فطرهن . . " .

أى : قال لهم إبراهيم بلغة الواثق بأنه على الحق : أنا لست هازلا فيما أقوله لكم ، وإنما أنا جاد كل الجد فى إخباركم أن الله - تعالى - وحده هو ربكم ورب آبائكم ، ورب السموات والأرض ، فهو الذى خلقهن وأنشأهن بما فيهن من مخلوقات بقدرته التى لا يعجزها شىء .

وقوله : { وَأَنَاْ على ذلكم مِّنَ الشاهدين } تذييل المقصود به تأكيد ما أخبرهم به ، وما دعاهم غليه . أى : وأنا على أن الله - تعالى - هو ربكم ورب كل شىء من الشاهدين ، الذين يثقون فى صدق ما يقولون ثقة الشاهد على شىء لا يشك فى صحته .