تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{تَنزِيلٗا مِّمَّنۡ خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلۡعُلَى} (4)

وكثيرا ما يقرن بين الخلق والأمر ، كما في هذه الآية ، وكما في قوله : { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ } وفي قوله : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ } وذلك أنه الخالق الآمر الناهي ، فكما أنه لا خالق سواه ، فليس على الخلق إلزام ولا أمر ولا نهي إلا من خالقهم ، وأيضا فإن خلقه للخلق فيه التدبير القدري الكوني ، وأمره فيه التدبير الشرعي الديني ، فكما أن الخلق لا يخرج عن الحكمة ، فلم يخلق شيئا عبثا ، فكذلك لا يأمر ولا ينهى إلا بما هو عدل وحكمة وإحسان .