وقوله تعالى : { تَنْزِيلاً } مصدرٌ مؤكدٌ لمضمر مستأنفٌ مقرّر لما قبله ، أي نُزّل تنزيلاً أو لما تفيده الجملةُ الاستثنائيةُ فإنها متضمِّنةٌ لأن يقال : أنزلناه للتذكرة والأولُ هو الأنسبُ بما بعده من الالتفات أو منصوبٌ على المدح والاختصاص ، وقيل : هو منصوبٌ بيخشى على المفعولية أي يخشى تنزيلاً من الله تعالى ، وأنت خبير بأن تعليقَ الخشيةِ والخوفِ ونظائرِهما بمطلق التنزيلِ غيرُ معهودٍ ، نعم قد يعلق ذلك ببعض أجزائه المشتملة على الوعيد ونظائرِه كما في قوله تعالى : { يَحْذَرُ المنافقون أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } وقيل : هو بدلٌ من تذكرةً لكن لا على أنه مفعولٌ له لأنزلنا إذ لا يعلل الشيءُ بنفسه ولا بنوعه ، بل على أنه مصدرٌ بمعنى الفاعل واقعٌ موقعَ الحال من الكاف في عليك أو من القرآن ، ولا مساغَ له إلا بأن يكون قيداً لأنزلنا بعد تقيّده بالقيد الأول وقد عرفت حاله فيما سلف ، وقرئ تنزيلٌ على أنه خبر لمبتدأ محذوف ومِنْ في قوله تعالى : { مّمَّنْ خَلَق الأرض والسماوات العلى } متعلقةٌ بتنزيلاً أو بمضمر هو صفةٌ له مؤكدةٌ لما في تنكيره من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية ، ونسبةُ التنزيلِ إلى الموصول بطريق الالتفات إلى الغَيبة بعد نسبته إلى نون العظمة لبيان فخامتِه تعالى بحسب الصفات والأفعال إثرَ بيانها بحسب الذات بطريق الإبهامِ ، ثم التفسيرِ لزيادة تحقيق وتقريرٍ ، وتخصيصُ خلقِهما بالذكر مع أن المراد خلقُهما بجميع ما يتعلق بهما كما يفصح عنه قوله تعالى : { لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } الآية ، لأصالتهما واستتباعِهما لما عداهما ، وتقديمُ الأرض لكونه أقربَ إلى الحس وأظهرَ عنده ، ووصفُ السماوات بالعُلا وهو جمعُ العليا تأنيثُ الأعلى لتأكيد الفخامةِ مع ما فيه من مراعاة الفواصل ، وكل ذلك إلى قوله تعالى : { لَهُ الأسماء الحسنى } مَسوقٌ لتعظيم شأنِ المنزِّل عز وجل المستتبعِ لتعظيم شأنِ المنزَّل الداعي إلى تربية المهابةِ ، وإدخالِ الروعةِ المؤديةِ إلى استنزال المتمرّدين عن رتبة العتوِّ والطُّغيان واستمالِتهم نحو الخشية المُفْضِية إلى التذكرة والإيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.