قوله : { تَنْزِيلاً } في نصبه أوجه :أحدها : أن يكون بدلاً من " تَذْكِرَةً " إذا جعل حالاً لا إذا{[23044]} كان مفعولاً ، لأن الشيء لا يعلِّلُ بنفسه ، لأنه يصير التقدير : مَا أنْزَلْنَا القرآنَ إِلاَّ لِلتَّنْزِيل .
الثاني : أن ينتصب ب " نزل " مضمراً .
الثالث : أن ينتصب ب " أنْزَلْنَا " ، لأن معنى ما أنْزَلْنَا إلاَّ تذكرة : أنْزَلْنَاهُ تَذْكِرَةً .
الرابع : أن ينتصب على المدح والاختصاص .
الخامس : أن ينتصب ب " يَخْشَى " مفعولاً به ، أي أنزله للتذكرة لِمَنْ يَخْشَى تنزيلَ الله ، وهو معنى حسن وإعراب بيِّن{[23045]} . قال أبو حيان : والأحسن ما قدَّمناه أولاً من أنَّه منصوب ب " نَزَل " مضمرةً{[23046]} ، وما ذكره الزمخشري من نصبه على غيره{[23047]} فمتكلف : أما الأول ففيه جعل " تَذْكِرَةً " و " تَنْزِيلاً " {[23048]} حالين وهما مصدران ، وجعل المصدر حالاً لا ينقاس{[23049]} . وأيضاً فمدلول " تَذْكِرَةً " ليس مدلولاً " تَنْزِيلاً " ، ولا " تَنْزِيلاً " {[23050]} بعض " تّذْكِرَةً " فإن كان بدلاً فيكون بدلَ اشتمال على مذهب من يرى أن الثاني مشتمل على الأول ؛ لأن التنزيل مشتمل على التذكرة ، وغيرها{[23051]} . وأما قوله : لأن معنى ما أنزلناه إلا تذكرةً أنْزَلناهُ تَذْكِرَةً ، فليس كذلك ، لأن معنى الحصر يفوت في قوله : { أنزلناه تذكرةً } . وأما{[23052]} نصبه على المدح فبعيد .
وأمَّا نصبه على " يَخشَى " ففي غاية البُعد ، لأن " يَخْشَى " رأس آية وفاصلة فلا يناسب أن يكون " تَنْزِيلاً " منصوباً ب " يَخْشَى " ، وقوله : وهو معنى حسن وإعراب بيِّن عجمة وبُعْدٌ عن إدراك الفصاحة{[23053]} . قال شهاب الدين : ويكفيه رد الشيء الواضح من غير دليل ونسبة هذا الرجل إلى عدم الفصاحة ووجود العجمة{[23054]} .
قوله :{ مِمَّنْ خَلَقَ }{[23055]} . يجوز في ( مِنْ ) أن يتعلق ب " تَنْزِيلاً " {[23056]} ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل " تَنْزِيلاً " {[23057]} .
وفي " خَلَقَ " ( التفات ){[23058]} من تكلُّم في قوله : { مَا أنْزَلْنَا }{[23059]} إلى الغيبة{[23060]} وجوز الزمخشري أن يكون " مَا أنْزَلْنَا " حكاية لكلام جبريل عليه السلام{[23061]} وبعض الملائكة فلا التفات على{[23062]} هذا{[23063]} .
قوله{[23064]} : { العُلَى } جمع عُلْيَا ، نحو دُنْيَا ودُنًى ، ونظيره في الصحيح{[23065]} كُبْرَى وَكُبَر ، وفُضْلَى وفُضَل ، يقال سماء عُلْيَا وسموات عُلَى{[23066]} .
ومعنى الآية : " تَنْزِيلاً مَمَّنْ خَلَقَ " {[23067]} أي : ( مِنَ الله الذي خلق الأرضَ والسَّمَواتِ العُلَى ){[23068]} يعني العالية{[23069]} الرفيعة{[23070]} .
وفائدة وصف السَّماوات بالعُلَى : الدلالة{[23071]} على عظم قدرة من يخلق مثلها في علوها ( وبعد مرتقاها ) {[23072]} {[23073]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.