فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (14)

{ أولئك } الموصوفون بما ذكر { أصحاب الجنة } التي هي دار المؤمنين حال كونهم { خالدين فيها } وفي هذه الآية من الترغيب أمر عظيم ، فإن نفي الخوف والحزن على الدوام والاستقرار في الجنة على الأبد مما لا تطلب الأنفس سواه ، ولا تتشوق الأرواح إلى ما عداه .

{ جزاء بما كانوا يعملون } أي يجزون جزاء بسبب أعمالهم التي عملوها من الطاعات لله ، وترك معاصيه في الدنيا ولما كان رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما كما ورد به الحديث حث الله تعالى عليه بقوله :

{ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } قرأ الجمهور بضم الحاء وسكون السين وقرئ بفتحهما ، وقرئ إحسانا . وقد تقدم في سورة العنكبوت { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } من غير اختلاف بين القراء ، وقد تقدم في سورة الأنعام وسورة بني إسرائيل { وبالوالدين إحسانا } فلعل هذا هو وجه اختلاف القراء هنا ، وعلى جميعها فانتصابه على المصدرية ، أي وصيناه أن يحسن إليهما حسنا وإحسانا ، وقيل يتضمن وصينا معنى ألزمنا ، وقيل على أنه مفعول له والحسن خلاف القبح ، والإحسان خلاف الإساءة والتوصية الأمر .