فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ نُورٗا تَمۡشُونَ بِهِۦ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (28)

ثم أمر الله سبحانه المؤمنين بالرسل المتقدمين ، بالتقوى والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } بترك ما نهاكم عنه { وآمنوا برسوله } محمد صلى الله عليه وسلم { يؤتكم كفلين من رحمته } أي نصيبين ضخمين بسبب إيمانكم برسوله بعد إيمانكم بمن قبله من الرسل ، قال ابن عباس : أي أجرين بإيمانهم بعيسى عليه السلام ، ونصب أنفسهم والتوراة والإنجيل وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم ، ولا يبعد أن يثابوا على دينهم السابق ، وإن كان منسوخا ببركة الإسلام ، وقيل : الخطاب للنصارى الذين كانوا في عصره صلى الله عليه وسلم ، وأصل الكفل الحظ والنصيب ؛ وقد تقدم الكلام على تفسيره في سورة النساء .

قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : كفلين ضعفين ؛ وهي بلسان الحبشة ؛ وقال ابن عمر : الكفل ثلثمائة جزء وخمسون جزءا من رحمة الله ، " وعن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لهم أجران ؛ رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك الذي أدى حق مواليه وحق الله ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها ، وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران " أخرجه الشيخان .

{ ويجعل لكم نورا تمشون به } يعني على الصراط ، كما قال :

{ نورهم يسعى بين أيديهم } ، وقيل : النور هو القرآن ، وقيل : هو الهدى والبيان ، أي يجعل لكم سبيلا واضحا في الدين تهتدون به { ويغفر لكم } ما سلف من ذنوبكم قبل الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم { والله غفور رحيم } أي بليغ المغفرة والرحمة .