فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

{ لئلا يعلم أهل الكتاب } أي التوراة ، واللام متعلقة بما تقدم من الأمر بالإيمان والتقوى ، أي اتقوا وآمنوا يؤتكم كذا وكذا ليعلم الذين لم يتقوا ولا آمنوا من أهل الكتاب ، ولا في لئلا زائدة قاله الفراء والأخفش وغيرهما { ألا يقدرون على شيء } أي ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على أن ينالوا شيئا { من فضل الله } الذي تفضل به على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا يقدرون على دفع ذلك الفضل الذي تفضل الله به على المستحقين له ، ولا يتمكنون من نيله لأنهم لم يؤمنوا برسوله ، وهو مشروط بالإيمان به ، وقيل : الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم ؛ ولا غير مزيدة ، والمعنى لئلا يعتقد أهل الكتاب أنه لا يقدر النبي والمؤمنون على شيء من فضل الله الذي هو عبارة عما أوتوه والأول أولى .

{ و } جملة { أن الفضل بيد الله } معطوفة على الجملة التي قبلها أي ليعلموا أنهم لا يقدرون ، وليعلموا أن الفضل الخ { يؤتيه من يشاء } من عباده والظاهر أنه مستأنف ، وقيل : هو خبر ثان عن الفضل { والله ذو الفضل العظيم } جملة مقررة لمضمون ما قبلها ، والمراد بالفضل هنا ما تفضل به على الذين اتقوا وآمنوا برسوله من الأجر المضاعف ، وقال الكلبي : هو رزق الله وقيل : نعم الله التي لا تحصى ، وقيل هو الإسلام .