{ والذين آمنوا بالله ورسله } جميعها { أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم } قال مجاهد : كل من آمن بالله ورسله فهو صديق ، قال المقاتلان . هم الذين لم يشكوا في الرسل حين أخبروهم ولم يكذبوهم ، وقال مجاهد : هذه الآية للشهداء خاصة وهم الأنبياء الذين يشهدون للأمم وعليهم ، واختار هذا الفراء والزجاج ، وقال مقاتل بن سليمان : هم الذين استشهدوا في سبيل الله ، وكذا قال ابن جرير ، وقيل : هم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بالتبليغ ، والظاهر أن معنى الآية إن { الذين آمنوا بالله ورسله } جميعا بمنزلة الصديقين ، والشهداء المشهورين بعلو الدرجة عند الله وقيل : إن الصديقين هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا بالله وصدقوا جميع رسله ، والقائمون لله سبحانه بالتوحيد .
" عن البراء بن عازب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مؤمنو أمتي شهداء ، ثم تلا هذه الآية " ، وقال ابن مسعود : كل مؤمن صديق وشهيد ، وعنه قال : إن الرجل ليموت على فراشه وهو شهيد ، ثم تلا هذه الآية ، وعن أبي هريرة نحوه ، وقال ابن عباس في الآية . هذه مفصولة ، والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ، وأخرج ابن حبان :
" عن عمرو بن مرة الجهني قال : جاء رجب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس ، وأديت الزكاة ، وصمت رمضان وقمته ، فمن أنا ؟ قال : من الصديقين والشهداء " .
ثم بين سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتصفوا به من الإيمان بالله ورسله فقال :
{ لهم أجرهم ونورهم } الضمير الأول راجع إلى الموصول ، والضميران الآخران راجعان إلى الصديقين والشهداء ، أي لهم مثل أجرهم ونورهم ، وأما على قول من قال إن الذين آمنوا بالله ورسله هم نفس الصديقين والشهداء ، فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد ، والمعنى لهم الأجر والنور الموعودان لهم ، ثم لما ذكر حال المؤمنين وثوابهم ذكر حال الكافرين وعقابهم فقال :
{ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } أي جمعوا بين الكفر والتكذيب { أولئك أصحاب الجحيم } يعذبون بها ، ولا أجر لهم ولا نور ، بل عذاب مقيم ، وظلمة دائمة ، ولما ذكر سبحانه حال الفريق الثاني وما وقع منهم من الكفر والتكذيب ، وذلك بسبب ميلهم إلى الدنيا وتأثيرهم بين لهم حقارتها وأنها أحقر من أن تؤثر على الدار الآخرة فقال :
{ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب } كلعب الصبيان { ولهو } كلهو الفتيان واللعب هو الباطل واللهو كل شيء يتلهى به ثم يذهب ، قال قتادة : لعب ولهو أكل وشرب . قال مجاهد : كل لعب لهو ، وقيل : اللعب ما رغب في الدنيا واللهو ما ألهى عن الآخرة وشغل عنها ، وقيل : اللعب الاقتناء ، واللهو النساء ، وقد تقدم تحقيق هذا في سورة الأنعام { وزينة } كزينة النسوان ، والزينة التزين بمتاع الدنيا من اللباس والحلي ونحوهما ، من دون عمل للآخرة { وتفاخر بينكم } كتفاخر الأقران قرأ الجمهور بتنوين تفاخر ، وقرئ بالإضافة أي يفتخر به بعضكم على بعض ، وقيل : يتفاخرون بالخلقة والقوة ، وقيل : بالأنساب والأحساب كما كانت عليه العرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.