الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ} (50)

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قوله : { الذي أعطى كل شيء خلقه } قال : خلق لكل شيء روحه ، ثم { هدى } قال : هداه لمنكحه ، ومطعمه ، ومشربه ، ومسكنه .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : { أعطى كل شيء خلقه } يقول : مثله ، أعطى الإنسان إنسانة ، والحمار حمارة ، والشاة شاته : { ثم هدى } إلى الجماع .

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر ، عن الحسن في قوله : { أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } قال : أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه له .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : { أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } قال : سوى خلق كل دابة ثم هداها لما يصلحها وعلمها إياه ، لم يجعل خلق الناس كخلق البهائم ، ولا خلق البهائم كخلق الناس ، ولكن { خلق كل شيء فقدره تقديراً } [ الفرقان : 2 ] .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : { أعطى كل شيء خلقه } قال : أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه ، ولم يجعل الإنسان في خلق الدابة ، ولا الدابة في خلق الكلب ، ولا الكلب في خلق الشاة ، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح ، وهيأ كل شيء على ذلك ، ليس منها شيء يملك شيئاً في فعاله ، في الخلق والرزق والنكاح { ثم هدى } قال : هدى كل شيء إلى رزقه وإلى زوجته .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { أعطى كل شيء خلقه } قال : أعطى كل شيء صورته { ثم هدى } قال : لمعيشته .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } قال : ألم تر إلى البعير كيف يقوم لصاحبه ينتظره ! حتى يجيء هذا منه ! .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : { ثم هدى } قال : كيف يأتي الذكر الأنثى .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن سابط قال : ما أبهمت البهائم ، فلم تبهم عن أربع : تعلم أن الله ربها ، ويأتي الذكر الأنثى ، وتهتدي لمعايشها ، وتخاف الموت .