فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِۦۖ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (117)

وإذا كان هذا حال أكثر من في الأرض ، فالعلم الحقيقي هو عند الله ، فاتبع ما أمرك به ، ودع عنك طاعة غيره ، وهو العالم بمن يضلّ عن سبيله ومن يهتدي إليه . قال بعض أهل العلم : إن { أَعْلَمُ } في الموضعين بمعنى يعلم ، قال : ومنه قول حاتم الطائي :

فحالفت طيّ من دوننا حلفا *** والله أعلم ما كنا لهم خولا

والوجه في هذا التأويل أن أفعل التفضيل لا ينصب الاسم الظاهر ، فتكون «من » منصوبة بالفعل الذي جعل أفعل التفضيل نائباً عنه . وقيل : إن أفعل التفضيل على بابه والنصب بفعل مقدّر . وقيل : إنها منصوبة بأفعل التفضيل ، أي إن ربك أعلم أيّ الناس يضلّ عن سبيله ، وقيل : في محل نصب بنزع الخافض ، أي بمن يضلّ ، قاله بعض البصريين . وقيل : في محل جرّ بإضافة أفعل التفضيل إليها .