فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

قوله : { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله } أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه ، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين ، وهم الطائفة التي لا تزال على الحق ، ولا يضرّها خلاف من يخالفها ، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل المراد بالأكثر : الكفار . وقيل المراد بالأرض : مكة أي أكثر أهل مكة ، ثم علل ذلك سبحانه بقوله : { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن } أي ما يتبعون إلا الظنّ الذي لا أصل له ، وهو ظنهم أن معبوداتهم تستحق العبادة وأنها تقربهم إلى الله { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } أي وما هم إلا يخرصون ، أي يحدسون ويقدّرون ، وأصل الخرص القطع ، ومنه خرص النخل يخرص : إذا حزره ليأخذ منه الزكاة ، فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به ، إذ لا يقين منه .