فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ كُلًّا هَدَيۡنَاۚ وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (84)

قوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ } معطوف على جملة { وتلك حجتنا } عطف جملة فعلية على جملة اسمية . وقيل : معطوف على آتيناها والأوّل أولى . والمعنى : ووهبنا له ذلك جزاء له على الاحتجاج في الدين وبذل النفس فيه ، و { كُلاًّ هَدَيْنَا } انتصاب { كلاً } على أنه مفعول لما بعده مقدّم عليه للقصر ، أي كل واحد منهما هديناه ، وكذلك نوحاً منصوب بهدينا الثاني ، أو بفعل مضمر يفسره ما بعده { وَمِن ذُرّيَتِهِ } أي من ذرية إبراهيم ، وقال الفراء : من ذرية نوح . واختاره ابن جرير الطبري ، والقشيري ، وابن عطية ، واختار الأوّل الزجاج ، واعترض عليه بأنه عدّ من هذه الذرية يونس ولوطاً ، وما كان من ذرية إبراهيم ، فإن لوطاً هو ابن أخي إبراهيم ، وانتصب { دَاوُدُ وسليمان } بفعل مضمر ، أي وهدينا من ذريته داود وسليمان ، وكذلك ما بعدها ، وإنما عدّ الله سبحانه هداية هؤلاء الأنبياء من النعم التي عدّدها على إبراهيم ، لأن شرف الأبناء متصل بالآباء . ومعنى { من قبل } في قوله : { وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ } أي من قبل إبراهيم ، والإشارة بقوله : { وكذلك } إلى مصدر الفعل المتأخر ، أي ومثل ذلك الجزاء { نَجْزِي المحسنين } .

/خ90