فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ} (82)

{ الذين آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ } أي هم الأحق بالأمن من الذين أشركوا .

وقيل : هو من تمام قول إبراهيم ، وقيل : هو من قول قوم إبراهيم . ومعنى { لَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ } : لم يخلطوه بظلم . والمراد بالظلم الشرك ، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أينا لم يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس هو كما تظنون ، إنما هو كما قال لقمان : { يا بنى لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } " ، والعجب من صاحب الكشاف حيث يقول في تفسير هذه الآية : وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس ، وهو لا يدري أن الصادق المصدوق قد فسرها بهذا ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ، والإشارة بقوله : { أولئك } إلى الموصول المتصف بما سبق . و { لَهُمُ الأمن } جملة وقعت خبراً عن اسم الإشارة . هذا أوضح ما قيل مع احتمال غيره من الوجوه . { وَهُمْ مُهْتَدُونَ } إلى الحق ثابتون عليه ، وغيرهم على ضلال وجهل .

/خ83