تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

24

المفردات :

ما كان حجتهم : ما كان قولهم الذي ساقوه مساق الحجة ، وليس بحجة .

ائتوا بآبائنا : أحضروا آباءنا أحياء في هذه الدنيا بعد أن ماتوا .

التفسير :

25- { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين } .

إذا قرئت عليهم آيات القرآن واضحات بينات ، وفيها دلائل التوحيد وأخبار السابقين ، وتشريع المؤمنين وبيان العقائد والعبادات والمعاملات ؛ لجأوا إلى الجدال بالباطل ، فقد اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم عددا من الاقتراحات من بينها ما يأتي :

( أ ) إبعاد الجبال عن مكة ، وتسخير أرضها بالينابيع والخضرة مثل أرض الشام .

( ب ) إحياء رجلين ممن مات من آبائهم ، منهما قصي بن كلاب ، حتى يسألوه عن البعث بعد الموت وهل هو حق ، ويسألوه : هل محمد صادق في دعواه الرسالة ؟

وهنا حكى القرآن قولهم وهو شبهة ، وسماها القرآن حجة بناء على زعمهم أو تهكما بهم .

والمقصود من الآية :

إذا دعوتهم إلى الإيمان وقرأت عليهم آيات القرآن ؛ لم تكن لديهم وسيلة إلى الرفض إلا الجدال بالباطل ، وطلبهم أن تبعث لهم من مات من آبائهم إن كنت صادقا في أن البعث حق .

والله تعالى قد حدد للبعث وقتا ، وجعل ذلك ناموسا من نواميس الحياة ، حتى لا يكون الخلق عبثا وباطلا ، فلابد من دار يكون فيها الحساب والجزاء ، أما أن يكون البعث وسيلة للتسلية ، أو اقتراحا يقترحه أهل مكة ، فالله لا يعجل لعجلة العباد ، ولا يغير النواميس من أجل اقتراح الأشخاص .

/خ27

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

{ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا } الناطقة بالحق الذي من جملته البعث { بينات } واضحات الدلالة على ما نطقت به مما يخالف معتقدهم أو مبينات له { مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ } بالنصب على أنه خبر كان واسمها قوله تعالى : { وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بينات مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ } أي في أنا نبعث بعد الموت أي ما كان متمسكاً لهم شيء من الأشياء إلا هذا القول الباطل الذي يستحيل أن يكون حجة ، وتسميته حجة لسوقهم إياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم أو أنه من قبيل :

تحية بينهم ضرب وجيع *** أي ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة ، والمراد نفي أن يكون لهم حجة فإنه لا يلزم من عدم حصول الشيء حالاً كإعادة آبائهم التي طلبوها في الدنيا امتناعه بعد لتمتنع الإعادة إذا قامت القيامة ، والخطاب في { ائتوا . وَكُنتُمْ } للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين إذ هم قائلون بمقالته صلى الله عليه وسلم من البعث طالبون من الكفرة الإقرار به ، وجوز أن يكون له عليه الصلاة والسلام وللأنبياء عليهم السلام الجائين بالبعث وغلب الخطاب على الغيبة .

وقال ابن عطية : { ائتوا . وَكُنتُمْ } من حيث المخاطبة له صلى الله عليه وسلم والمراد هو وإلهه والملك الذي يذكر عليه الصلاة والسلام نزوله عليه بذلك وهو جبريل عليه السلام ، وهو كما ترى .

وقرأ الحسن . وعمرو بن عبيد . وابن عامر فيما روى عنه عبد الحميد . وعاصم فيما روى هارون . وحسين عن أبي بكر عنه { حُجَّتَهُمْ } بالرفع على أنه اسم كان وما بعد خبر أي ما كان حجتهم شيئاً من الأشياء إلا هذا القول الباطل ، وجواب { إِذَا } ما كان الخ ، ولم تقترن بالفاء وإن كانت لازمة في المنفى بما إذا وقعت جواب الشرط لأنها غير جازمة ولا أصلية في الشرطية ، وهو سر قول أبي حيان : إن إذا خالفت أدوات الشرط بأن جوابها إذا كان منفياً بما لم تدخل الفاء بخلاف أدوات الشرط فلا بد معها من الفاء نحو إن تزرنا فما جفوتنا فلا حاجة إلى تقدير جواب لها كعمدوا إلى الحجج الباطلة خلافاً لابن هشام . واستدل بوقوع ما ذكر جواباً على أن العمل في إذا ليس للجواب لصدارة ما المانعة منه ولا قائل بالفرق ، ولعل من قال بالعمل يقول يتوسع في الظرف ما لم يتوسع في غيره ، ثم إن المعنى على الاستقبال لمكان { إِذَا } أي ما تكون حجتهم إلا أن يقولوا ذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

إن هي إلا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة ، ولهذا قال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وهذا جراءة منهم على الله ، حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا أن صدق رسل الله متوقف على الإتيان بآبائهم ، وأنهم لو جاءوهم بكل آية لم يؤمنوا إلا إن تبعتهم الرسل على ما قالوا .